سلمان بن محمد العُمري
للوقف دورٌ عظيم في تاريخ الإسلام، ولايزال له أثر في دعم التنمية والعمل الخيري، ولتحقيق أهداف الوقف ومقاصده في هذا الوقت وقابل الأيام للمساهمة في نهضة وتقدم المجتمع، فإننا نحتاج إلى أوقاف مستجدة بروح العصر ووفق استراتيجية خاصة قادرة على خدمة التنمية والتطوير في مختلف ميادين الحياة.
والدولة - أعزها الله - حريصة كل الحرص على إحياء رسالة الوقف وزيادة استثماراته وغلاله، والإفادة من ذلك في برامج التنمية والأعمال الخيرية، وبما أن قطاع الأوقاف من القطاعات المهمة جاءت الرؤية المباركة 2030 باستهداف هذا القطاع ورفع مساهمة الوقف في الناتج المحلي الإجمالي من 1 % إلى 5 %، وأتمنى أن تكشف الهيئة العامة للأوقاف عن حجم الأوقاف بالمملكة، ووجوه الصرف على عوائدها وهذه الشفافية سيكون لها الأثر الجلي في إقبال الناس على الصناديق الوقفية بشكل أكبر مما هو سائر وفق النمطية القديمة.
ستظل حاجة المجتمع ماسَّة للأوقاف، وأن تقوم بدورها، وتسهم مساهمة فاعلة في التنمية وفق رؤية شرعية منطقية غير تقليدية، مع وجود استراتيجية جديدة لتحويل الأوقاف إلى مؤسسات تنموية مانحة تخدم المتبرع بالوقف، والمستفيد منه، وليكون الوقف أكثر إنتاجاً وفاعلية في المجتمع.
«جمعية تمكين الأوقاف» أحسنت صنعاً بإصدار الدليل الإجرائي لتأسيس أوقاف الجمعيات الأهلية؛ مساهمة منها في إثراء القطاع غير الربحي بشكل عام والقطاع الوقفي بشكل خاص، وتمكين ودعم الجمعيات الأهلية في تأسيس أوقاف تساهم في استدامتها المالية، وتعزيز العمل المؤسسي - بحسب الدليل الصادر -، وهذا يأتي كخطوة داعمة تهدف إلى تقديم الإرشادات والتوجيهات اللازمة لتأسيس أوقاف مستمرة ومستدامة تخدم الجمعيات الأهلية وتعزز من قدرتها على تنفيذ مشاريعها التنموية بكفاءة وفعالية.
ولعل الجمعية تواصل خدماتها في إعداد دليل إجرائي لتأسيس أوقاف للأفراد والأسر كحافز مشجع للناس وبالذات الأثرياء ورجال الأعمال، وفق استراتيجية وخطط صحيحة مؤسسية واضحة المعالم.
الوقف عنصر استراتيجي مهم في مواجهة نوازل الحياة، وكلما كان العمل أنفع وأصلح للأمة كان عند الله - عز وجل - أفضل، والوقف ثروة الأجيال القادمة في مختلف ميادين ومجالات الحياة، كما أن الوقف لا يقتصر على الأموات فقط، بل لابد للإنسان الميسور من إيجاد وقف له في حياته يشرف عليه قبل مماته، وعلينا التشجيع على إيجاد وقف في الحياة قبل الممات، وأن لا نقتصر على الأوقاف الخاصة بل أتمنى قيام صناديق وقفية يسهم بها التاجر والموظف والصغير والكبير كل حسب استطاعته مع تعدد مناحي وأهداف وأعمال هذه الصناديق الوقفية حسب احتياج المجتمع في الصحة والتعليم والنواحي الاجتماعية والاقتصادية.