أ.د.عبدالرزاق الصاعدي
الفوائت هي ما فات معاجمَنا القديمةَ تدوينُه، مما قالته العرب زمن الفصاحة وصح من كلامها، وهو يختلف عن المهمل، فالمهمل لم تنطق به العرب، أما الفوائت فقد نطقت به، ولكنه لم يأخذ طريقه إلى المعجم، وهنا يردُ سؤالٌ: هل يعد كل ما خلت منه المعاجم من الفوائت؟ الجواب يرد ضمن الفقرة الآتية:
أنواع الفوائت:
وفوائتُ المعاجم العربية القديمة نوعان: فوائتُ قطعية وفوائتُ ظنية، كما يأتي:
1 - نوعٌ قطعيُّ الحكمِ بأنّه من الفوائت؛ وأسميه «الفوائت القطعية» لأنّه مذكورٌ في مصدرٍ قديم، كدواوين الشعر وكتب الأدب واللغة والنوادر، وهذا النوع لا خلافَ في كونه من الفوائت؛ لأنه مدوّنٌ أيامَ الفصاحة، ولكنه لم يجدْ طريقَه إلى المعاجم؛ لأنَّ المعجميين لم يصلوا إليه، أو نَبَتْ أعينُهم عنه، أو سقط من التدوين سهواً أو نسياناً؛ وبعضهم يعتمد على الحفظ.
فيمكن أن نقول في تعريف الفوائت القطعية: هي ما وجد في نصٍّ قديمٍ موثوق زمن الفصاحة لعربيٍّ فصيح، وهي نوعان: نوع لم يرد في المعاجم بالكلية ونوع ورد عرضا في سياق أو شاهد في مادة ليست له، كما جاء في كلمة تَبَدّى، وسيأتي بيانه في هذه الكلمة في حرف الباء.
2 - الفوائت الظنية، وهي ظنيُّة الحكم؛ لأنها تفتقرُ إلى نصّ قديمٍ يثبتُ وجودَها القطعيّ في الاستعمال أزمانَ الفصاحة، ولكنْ يمكنُ بلطف الصنعة استخراجُ قدرٍ صالحٍ من هذا النوع مما هو مخبوءٌ في لهجاتنا العصرية، فالفوائت الظنية هي ما فات المعجم تدوينه، ووجدناه في لهجاتنا وغلب على ظنّنا بعد عرضه على مقاييس معينة (سيأتي ذكرها في مقال خاص للفوائت الظنية) أنه من الفوائت. ووصفها بالظنّيّة يترك للباحث اللغوي الباب مفتوحاً لاحتمال أن تكون مولدة، ولذا فإن عبارة (الظنية) مهمة هنا ومقصودة، فبها نتحرّز من الوقوع في الجزم بالفَوَات، خلافا للنوع الآخر من الفوائت: الفوائت القطعية، الذي هو موضوع بحثنا هذا.
وسأتحدّث في المقال القادم -إن شاء- عن أنواع الفوائت القطعية ومظانّها.