هادي بن شرجاب المحامض
في مشهد تاريخي يعكس أسمى معاني الحكمة والقيادة الرشيدة، استطاع أمير منطقة نجران، صاحب السمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد، أن يُنهي خلافًا امتد لأربعة عقود بين أسرتين عريقتين من قبائل يام بمنطقة نجران، وهما أسرتا آل نصيب وآل قعوان.
لقد كانت هذه المبادرة المباركة من سمو الأمير جلوي تأكيدًا جديدًا على دوره الريادي في إصلاح ذات البين، وسعيه الدؤوب إلى ترسيخ قيم التسامح والوحدة بين أفراد المجتمع، إذ لطالما عُرف سموه بمتابعته الشخصية لكل القضايا التي تمس استقرار المنطقة ونسيجها الاجتماعي.
إن الحديث عن أسرتي آل نصيب وآل قعوان هو حديث عن إرثٍ عريق ومكانة مرموقة ورفيعة المنزلة في المجتمع النجراني. فقد كانت لهما على مر التاريخ أدوار بارزة في مشيخة القبائل وحل النزاعات، وتُعدّ مشيختهم من الركائز الأساسية التي ساهمت في استقرار المنطقة وبناء توازنها الاجتماعي تحت مظلة الدولة .
وتحمل الأسرتان إرثًا من القيم الأصيلة التي تعكس روح القبائل العربية، من كرم وشجاعة وحكمة في التعامل مع مختلف القضايا. ومصالحتهم بالأمس ليست مجرد إنهاء لخلاف قديم، بل هي إعادة لوصل ما انقطع بين أهل الشرف والمكانة العالية، وهو ما يشكل نموذجًا ملهمًا لجميع القبائل.
يُعتبر سمو الأمير جلوي نموذجًا يحتذى ويقتدى به في القيادة الحكيمة التي تتعامل مع القضايا بروحٍ أبوية. فقد سعى منذ توليه إمارة منطقة نجران إلى ترسيخ السلم المجتمعي وحل النزاعات بأسلوب يراعي خصوصية المجتمع القبلي، مؤمنًا بأن قوة أي مجتمع تبدأ من وحدته وتماسكه.
وفي هذه المصالحة، تجلت جهود سموه ليس فقط في جمع الأطراف، بل أيضًا في خلق أجواء من التفاهم والمحبة، حيث استطاع بفضل حكمته وكلماته الصادقة أن يُلين القلوب ويزيل ما علق في النفوس من رواسب الماضي.
إن هذه المصالحة المباركة ليست فقط خطوة نحو طي صفحة الماضي، بل هي رسالة واضحة بأن نجران بقيادتها الحكيمة وأهلها الكرام قادرة دائمًا على تجاوز التحديات والوقوف صفًا واحدًا في وجه كل ما يهدد وحدتها.
لقد أثبت الأمير جلوي مرة أخرى أنه قائدٌ لا يقتصر دوره على التنمية المادية فقط، بل يمتد ليشمل تعزيز القيم الإنسانية والاجتماعية التي تُعدُّ أساسًا لبناء مجتمع قوي ومتماسك.
نسأل الله أن يديم على نجران وأهلها الأمن والمحبة، وأن تكون هذه المصالحة فاتحة خير لمستقبل أكثر وحدة وترابطًا بين القبائل والأسر.