غالية بنت محمد عقاب المطيري
يتكرر المشهد كل عام، وتبدأ وسائل الإعلام بموجتها الصاخبة، وحتى رسائل (واتساب) يُعاد تداولها؛ بين مهنئ بالعام الجديد، وبين مستنكر لهذه التهنئة، وبين... وبين .... من يستعد للسفر أو يعود منه.
بل حتى قطاع التسويق في الشركات يعيد حملاته التسويقية، والبنوك تعلن عن هوامش ربح، وشركات الطيران تقدم عروضًا بتخفيضات على أسعار تذاكرها. حتى أصحاب المحال الصغيرة يطلقون حملات مكررة، ولا ننسى القطاع الفني الذي يتصدر المشهد في هذه الموجة بأغانٍ جديدة عن العام الجديد، وكذلك تخصص الصحف والمجلات صفحات خاصة لاستقبال العام الجديد، وحتى قطاع الصحة لن يكون بمنأى عن تلك الموجة أيضًا.
كل هذه المشاهد المتكررة على جميع الأصعدة تجعل الصورة باهتة، تشعرك بالرتابة والملل، ولن تستطيع تلك الاحتفالات والتجمعات أن تنتزع هذا الشعور من الصدور. لماذا؟
وقبل الإجابة عن هذا التساؤل المهم، و الشروع في توضيح الأسباب، لا بد من أن نوضح الآتي:
نحن لسنا في صدد حكم الشرع في الاحتفال برأس السنة الميلادية فهذا الأمر حُسِمَ ولا مجال لنقاشه أو الحديث عنه.
ولكننا هنا بصدد الحديث عن الحالة النفسية التي تسيطر على النفس البشرية.
وعن سبب الشعور بالرتابة والملل الذي يصاحب بداية كل عام جديد. ونحن هنا نتحدث بصورة عامة، لا عن حالة الأفراد التي تتغير بتغير ظروفهم بمعنى أن بداية العام عندما ستوافق لدى بعضهم مناسبة سعيدة من زواج أو نجاح أو عودة مسافر كل هذا سيجعل الفرد سعيداً، ولكن حديثنا يدور حول حالة مجتمعية عامة، حيث يتكرر المشهد ذاته عامًا بعد عام، مما يسبب هذا البهتان.
الصورة الباهتة تُولّد نوعًا من الكآبة، وهذا للأسف يعود إلى النمط الإعلامي والمجتمعي المتكرر.
التكرار يؤدي دائمًا إلى فقدان الشغف، لأن الشغف يعتمد على الغموض، وعلى عدم المعرفة المسبقة بما سيحدث، لذلك على وسائل الإعلام والمؤسسات المجتمعية أن تبتكر أساليب جديدة في أفكارها التسويقية والترفيهية والدعائية.
وينطبق هذا على كل مناسبة سنوية، والحل الأنجع هنا هو:
1 - ابتكر دائمًا نوعًا من التغيير لكل نمط ثابت.
2 - تجنب متابعة أو مشاهدة مشاهد أو رسائل من الماضي.
3 - حدد هدفًا جديدًا مع كل مناسبة.
4 - كن غير اعتيادي، وافعل ما لا يتوقعه الآخرون منك، ولكن ضمن حدود خطوطك الحمراء ومبادئ وقيم مجتمعك.
5 - عند التخطيط لحملة تسويقية، لا تعتمد على الحملات السابقة أو الموجودة، بل تخيل المستقبل وصمم حملتك بناءً على متغيراته.
وأخيرًا، لكل المؤسسات، ووسائل الإعلام، والأفراد:
لا تكرروا، بل تخيلوا وأبدعوا، حتى لا تذبل الحياة وتبهت الصور.