م. بدر بن ناصر الحمدان
أكبر التحديات التي سيواجهها الجيل الثالث من المدن السعودية تكمن في (الإدارة)، إذ إن تركيبة إدارة هذه المدن ستكون أكثر تعقيداً؛ نظير ما طرأ عليها من تغيرات في المناخ العمراني العام، استجابة لديناميكية الحياة التي بات يعيشها سكان المدن نتيجة للتغير المطرد في أسلوب العيش والتحوّل الجذري في تقنيات البنية التحتية.
اليوم المدن (الأكثر استجابة) هي التي ستبقى في دائرة التنافسية، وهذا سيتطلب إدارة عمرانية على مستوى متقدم من الفهم والإدراك؛ لتحليل الوضع الراهن وما يمكن التنبؤ به من قرارات تُمكّن من قيادة التطوير بشكل احترافي ومُبتكر وغير تقليدي، فقيادة المدن باتت المهمة الأصعب والأكثر تحدياً على صعيد إدارة التنمية، كما أنه من الواضح أن نظام الإدارة المحلية الحالي يستوجب تغييراً نوعياً في معايير اختيار مدراء المدن خاصة الثانوية منها - المتوسطة والصغيرة - التي تمثل القاعدة الرئيسة للاستراتيجية العمرانية الوطنية وشريكاً رئيساً في البناء الحضري الشامل.
من الأمور التي يجب إعادة تعريفها بشكل أدق، هي فهمنا لـ(عقلية إدارة العمران)، إذ إنه لم يعد ينحصر في التعامل مع الشأن المكاني ومكوناته فحسب، بل بات هو القاعدة التي تُبنى عليها كل تفاصيل حياة الناس، وتتشكل فيها سيكولوجية عيشهم وبناء قائمة احتياجاتهم والإيفاء بها، باعتبارها (المنتج النهائي) لتطوير البيئة العمرانية ووظائفها.
من وجهة نظري أن أهم معيار مستقبلي لاختيار مدير المدينة هو الكفاءة والقدرة على (القيادة الحضرية) التي يجب أن تكون رخصة العبور إلى ذلك المنصب الذي يمثل الرهان على مستقبل تنافسية المدن التي لديها الرغبة في الذهاب إلى المستقبل.