صيغة الشمري
يُعد مهرجان الملك عبد العزيز للإبل محطة بارزة في المشهد الثقافي والتراثي، حيث يجمع بين عبق الماضي وألق الحاضر، ليُعزز الهوية من خلال الاحتفاء بالإبل باعتبارها رمزًا للأصالة.
في قلب الصحراء، وتحديدًا في الصياهد، ينبض هذا المهرجان بروح التراث ويُعيد إحياء تقاليد الأجداد بأسلوب يجمع بين الأصالة والتطوير، مؤكدًا أن الموروث الثقافي جزء لا يتجزأ من هوية الوطن ورؤيته المستقبلية.
وقد شهد المهرجان في السنوات الأخيرة زخمًا إعلاميًا لافتًا، خاصة من خلال منصات التواصل الاجتماعي التي لعبت دورًا بارزًا في تسليط الضوء على تفاصيله، ونقل أجوائه إلى منصات حديثة تستقطب مختلف الفئات العمرية، واستطاع بعض مشاهير التواصل تقريب المهرجان من الأجيال الشابة بأسلوب عصري يمزج بين المتعة والفائدة، حيث وثّقوا لحظات التنافس الحماسية في مسابقات مزاين الإبل، وسباقات الهجن، وأبرزوا جمال الأزياء التراثية، والحرف اليدوية، والفعاليات الثقافية المصاحبة.
ولم تكن هذه المشاركات مجرد تغطية إعلامية، بل أسهمت في إبراز الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للمهرجان من خلال الترويج لمزادات الإبل والمنتجات التراثية، ما عزز مكانته كرافد اقتصادي وثقافي مهم، وجعل منه مقصدًا سياحيًا يتجاوز حدود المملكة.
إضافة إلى ذلك، برزت مشاركة عدد من أبناء القرى والسواحل الذين لم يعتادوا التعامل مع الصحراء كحالة لافتة تؤكد أن الحواجز التي وُضعت سابقًا بين أبناء الخليج من البر والبحر لم تكن سوى حواجز وهمية.
هذا التنوع الثقافي الذي أظهرته فعاليات المهرجان يُمثل ثروة وطنية عميقة الجذور، ومهرجان الملك عبد العزيز أسهم في تعزيز قيمتها، وجعل الجميع يتشاركون هذا الإرث بروح من الحب والفخر والاعتزاز.
لقد نجح المهرجان في تحقيق أهداف رؤية 2030 التي تهدف إلى بناء مجتمع حيوي يُحافظ على تراثه وهويته برؤية متجددة تنسجم مع التقدم الرقمي وتُبرز عمقه الثقافي وتُعزّز وحدته الوطنية، ليُثبت أن الأصالة قادرة على مواكبة العصر دون أن تفقد قيمتها.
وهكذا يُواصل مهرجان الملك عبد العزيز للإبل دوره كمحطة ثقافية وتراثية تجمع بين الماضي والحاضر، وتُبرز مكانة المملكة بوصفها مركزًا ثقافيًا عالميًا يُحافظ على جذوره بينما يتطلع إلى المستقبل بكل ثقة.