د. محمد عبدالله الخازم
المسؤولية الاجتماعية وفق تعريف خبير الإدارة (دركر) تعني «التزام المؤسسة تجاه المجتمع الذي تعمل فيه». وبمعنى أكثر تبسيطا، هي كل ما تقدمه المؤسسة بشكل مؤسسي منظم خارج إطار مسؤوليتها التعاقدية تجاه منسوبيها ومجتمعها. مثلا، الإطار التعاقدي مع الموظف هو العمل وفق راتب ومكافآت/ منافع محددة لكن وجود نظام ادخار للموظفين يتجاوز الالتزام التعاقدي ويصنف ضمن أنشطة المسؤولية الاجتماعية تجاه الموظفين، وهكذا يمكن قياس بقية الأنشطة.
الجامعات بتعدد مهامها ومجتمعها وطبيعة أهدافها ومنتجاتها تعد الأبرز في برامج المسؤولية الاجتماعية. هنا أمثلة لجوانب المسؤولية الاجتماعية في الجامعات. مع ملاحظة، بعض جامعاتنا تجهل أهميتها وبعضها تؤديها بشكل غير منظم، بما في ذلك تنظيم رصدها وإبرازها.
1 - المسؤولية الاجتماعية تجاه الطلاب. طلاب الجامعة ليسوا مجرد آلات تحضر قاعة الدرس والمعمل، بل مجتمع له متطلباته. بعض جامعاتنا لا تتفهم الأبعاد الاجتماعية والأكاديمية والقيمية التي يجب دعم الطلاب فيها أو غرسها فيهم عن طريق برامج المسؤولية الاجتماعية؛ هناك جامعات، لا يوجد بها ملاعب ومسارح وليس لديها إسكان جامعي ولا تتيح لطلابها فرص العمل بالجامعة لغرض الفائدة المادية والتدريب وصقل الشخصية، إلخ. في جامعاتنا الطالب السعودي كريم في دعم المسؤولية الاجتماعية، حيث يتبرع بعشرة ريالات من مكافأته المحدودة لجامعته علها تفي بوعودها في تنمية ذلك التبرع واستخدامه لدعم أنشطة الطلاب اللا صفية!
2 - المسؤولية الاجتماعية تجاه منسوبي الجامعة. وفق مفهوم المسؤولية الاجتماعية مطلوب تقديم ما هو أكثر من الصيغة التعاقدية والقانونية بين الجامعة ومنسوبيها، مثل تأسيس إسكان للأساتذة والموظفين، دعم برامج ادخار/ إقراض مناسبة، تأسيس قاعات مناسبات وأماكن ترفيه، دعم تأسيس جمعيات تعاونية، تقديم برامج تعليمية وتثقيفية وترفيهية ورياضية واجتماعية لمنسوبيها وذويهم، إلخ. الجامعة مجتمع يعيش فيه الناس وهم بحاجة إلى خدمات إضافية تسهل حياتهم بمختلف جوانبها.
3 - المسؤولية الاجتماعية تجاه الفئات المختلفة. وبالذات الفئات ذات الحظوظ الأقل في المجتمع بصفة عامة والجامعة. مثل أصحاب الإعاقات الذين يجب أن تكون الجامعة صديقتهم التي تسهل تنقلهم ووصولهم وتعلمهم وجلوسهم ومعاشهم في الجامعة. ومثل الطلاب الأجانب الذين يحتاجون إشراكهم وتفاعلهم مع مجتمع الجامعة والمجتمع المحلي.
4 - المسؤولية الاجتماعية تجاه البيئة واستدامتها. مثال زيادة الغطاء النباتي والتعامل مع النفايات بطريقة علمية وتقليص الضوضاء والتلوث وتوفير متنزهات أو حدائق داخل وحول الجامعة. كذلك، ترشيد الطاقة واستخدام بدائل صديقة للبيئة وتحسين وسائل التنقل داخل الجامعة، إلخ. مؤسف، رؤية جامعة اقتلعت الشجر وحولت بيئتها الجميلة إلى عشوائيات مبانٍ غير متناسقة وتتناقض مع مفهوم الحفاظ على البيئة وتحقيق الجمال العمراني....إلخ.
5 - المسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع. هناك مدن كاملة تشكل ألجامعات محور تنميتها، وبدونها هي مجرد قرى صغيرة. المتاحف والملاعب والمراكز الصحية وغيرها تخدم وتهم المجتمع وليس فقط منسوبي الجامعة. الجامعة عليها لعب دور ريادي في الحراك الفكري والثقافي المحلي. مؤسف، أغلب جامعاتنا منزو داخل قاعاتها ولا أثر لها يذكر في مجتمعها. يؤسفني بشكل خاص تواضع ما تقوم به جامعات المناطق الصغيرة، في هذا الجانب.
6 - المسؤولية الاجتماعية الوطنية والعالمية. الجامعة مسؤولة أمام مجتمعها الداخلي ثم المحلي ثم الوطني ثم مجتمعها العالمي. مثلا، تقدير شهداء الوطن وذويهم، المشاركة في الحراك/ الحوار الفكري الوطني، وغيرها من المساهمات الوطنية. كما أن الجامعة كيان عولمي عليه مسؤولية المساهمة في تسويق المملكة معرفيا وثقافيا، نقل المعرفة وتبادلها مع العالم وتنمية طلاب منافسين عالميا، وغير ذلك مما لا تتسع المساحة لتفصيله.