إعداد - عوض مانع القحطاني/ تصوير - عبدالله مسعود الدوسري:
حوارنا في هذا اللقاء الصحفي مع رجل خدم دينه وبلاده الغالية وقيادتها الكريمة الحكيمة أكثر من أربعين عاما، إنه الأستاذ موسى بن محمد السليم من أهالي (محافظة مرات) الذي بدأ مسيرته الوظيفية مدرسا في المرحلة المتوسطة ثم الثانوية ثم مديراً لمدارس الرياض للبنين فمستشاراً بوزارة الداخلية ثم مستشاراً ومشرفاً عاماً على مكتب معالي وزير التعليم ثم عضواً في مجلس الشورى. وإلى نص الحوار:
* أين كانت النشأة وما هي مسيرة والدكم؟
- ولدت في محافظة مرات عام 1366هـ وكنت المولود الوحيد لوالدي محمد بن موسى السليم، ووالدتي الجوهر بنت محمد الزيد -جزاهما الله عني بجنات النعيم-، كان والدي - رحمه الله - من شباب الوطن المخلصين الذين لبوا نداء الواجب، وتشرفوا بالعمل والمشاركة تحت لواء جلالة المؤسس الملك الجليل عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه- منذ كان في الثامنة عشرة من عمره حيث شارك -رحمه الله- عام 1353هـ ضمن القوات السعودية تحت قيادة الأمير فيصل بن عبد العزيز -رحمه الله- في تأمين مدينة جيزان والقرى التابعة لها من القوات المعتدية آنذاك، كما تشرف بالعمل مع معالي الأمير خالد بن أحمد السديري -رحمه الله- خلال سنوات تعيين معاليه أميراً لمنطقة تبوك ثم أميراً لمنطقة جازان، وكان الوالد -رحمه الله- خلال عمله يكلف بعمليات المكافحة والتحقيق حيال ما يطرأ من قضايا التهريب ومشاكل الحدود بين المملكة واليمن الشمالي، وقد استمر عمله في منطقة جازان حوالي ستة عشر عاماً.
* حدثنا عن مرحلة التعليم كيف سارت؟
- التحقت في العام الدراسي 1372 - 1373هـ بالمدرسة السعودية الابتدائية التي كانت قريبة من مقر سكننا الأول في شعب عامر بمكة المكرمة، ثم انتقلت وأنا في الصف الثالث الابتدائي إلى مدرسة العتيبية في شارع الحجون، وأنا في الصفين الخامس والسادس الابتدائي، تم إلحاقي بمدرسة اسمها (دار المهاجرين)، وقد واصلت دراسة المتوسطة والثانوية في مدرسة دار التوحيد بالطائف.
* لماذا اخترت الدراسة في مدرسة دار التوحيد بالطائف؟
- والدي -رحمه الله- هو من حرص على مواصلتي للدراسة في المرحلتين المتوسطة والثانوية بمدرسة دار التوحيد في الطائف التي أسسها ورعاها بعد الله بكريم اهتمامه ومتابعته جلالة الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- في عام 1363هـ، وكان حِرص والدي -رحمه الله- على إلحاقي بهذه المدرسة؛ ورغم أنه واجه عقبة في إلحاقي بها لأنني كنت في الثانية عشرة من عمري حين حصولي على شهادة المرحلة الابتدائية، وكانت شروط القبول في دار التوحيد تنص على ألا يقل عمر الطالب المتقدم لها عن أربعة عشر عاما؛ مما جعل والدي يستعين بشفاعة محبه ورئيسه سابقاً أمير منطقة جازان في ذلك الحين معالي الأمير خالد بن أحمد السديري -رحمه الله- وبالفعل تم قبولي بهذه المدرسة.
* كيف التحقت بالعمل بعد التخرج من الكلية؟
- لم أجد مفراً من العمل في سلك التعليم حيث كان اسمي ضمن من اختارتهم لجنة التعيينات في وزارة المعارف للعمل مدرساً للغة العربية للمرحلة المتوسطة بمدينة نجران، بينما كنت آمل أن يكون عملي في مكة أو الطائف أو جدة؛ ولأنني وحيد والدتي -رحمها الله- ولم تكن ظروفها الصحية في ذلك العام تساعدها على تحمل مشاق السفر معي إلى نجران والإقامة بعيداً عن شقيقيها -رحمها الله- ولأنني لا أستطيع تركها لوحدها وهي في أمس الحاجة إلى وجودي ووجود زوجتي بقربها لخدمتها، اضطررت لمراجعة وزير المعارف وشرحت له ظروفي العائلية وظروف والدتي الصحية، فقد وجه بإعادة النظر في موضوع تعييني وأن يكون في منطقة الطائف التعليمية ضمن احتياجها، وبناء على ذلك تم توجيهي للعمل مدرسا للغة العربية في متوسطة أبي محجن الثقفي بالطائف في العام الدراسي 1389 - 1390هـ وفي العام الذي بعده تشرفت بنقلي للعمل مدرساً للغة العربية في مدرسة دار التوحيد التي قضيت فيها سنوات دراستي المتوسطة والثانوية؛ ثم تم اختياري ضمن من كانت وزارة المعارف في ضوء التوجيهات الكريمة السامية بالتعاون الأخوي مع إمارات الخليج العربية آنذاك والدول الإسلامية بالتعاون معهم لتدريس أبناء مواطنيها فكنت ممن تم إيفادهم لأمارة رأس الخيمة حيث قضيت فيها ثلاثة أعوام دراسية معلماً للغة العربية بثانوية شمل؛ وبعدها تم ترشيحي عام 1395هـ لدراسة الدبلوم الخاص في الإدارة والتخطيط التربوي بكلية التربية بمكة المكرمة.
* كيف كانت بداية إنشاء مدارس الرياض للبنين والبنات؟
- إن فكرة إنشاء هذه المدارس بدأت قبل سنتين من افتتاحها واستقبالها لطلابها وطالباتها؛ حيث كنت وبعض الزملاء من رجال الفكر والثقافة نتحدث عن حاجة (الرياض) إلى مدارس ذات طابع فريد متميز، يجمع بين الحداثة في تشكيلته التربوية والتعليمية والمحافظة على القيم الدينية والاجتماعية؛ حيث كان بعض من المواطنين في بلادنا يبعثون أولادهم إلى خارج المملكة للدراسة في مدارس خاصة بلبنان ومصر وبعض بلدان أوروبا وهم في سن مبكرة، ويعاني بعض منهم صعوبة البعد والغربة، ومن هنا انبثقت فكرة إنشاء هذه المدارس، وقد تم عرض موضوعها لأنظار الملك المفدى سلمان بن عبد العزيز الذي كان -يحفظه الله- أميراً لمنطقة الرياض (آنذاك) حيث تفضل بتأييد فكرة هذه المدارس، ووافق أن يكون الرئيس الفخري لها، وأتذكر أن عدد طلاب المدارس للعام الدراسي 1409 - 1410هـ بلغ حوالي خمسة آلاف طالب وطالبة علماً بأنه عدد طلاب كل فصل دراسي لمدارس البنين والبنات لا يزيد على 25 طالباً.
* هل كان آباء الطلاب يزورون المدارس؟
قبل اختبارات نهاية العام الدراسي يعمل لقاء تربوي بين الآباء والمعلمين في مدارس البنين، ولقاء آخر بين الأمهات والمعلمات، في مدارس البنات، وكانت المدارس تبعث لأولياء أمور الطلاب والطالبات قبل هذه اللقاءات التعاونية التربوية بمعلومات واضحة عن مستوى الأداء الدراسي والتحصيل العلمي لأبنائهم وبناتهم، وهي تجربة ناجحة حتى يعرف الآباء نتائج أبنائهم.
* ما العمل الذي تفتخر أنك أنجزته خلال عملك في المدارس؟
أحمد الله عز وجل على ما تفضل به علي من نعمة العون والتوفيق في مسيرتي العملية، وتعاملي وعلاقاتي التربوية مع الطلاب وأولياء الأمور على اختلاف مناصبهم العملية خلال الأعوام المباركة التي تشرفت فيها بالعمل في إدارة المدارس وعلى ما حظيت به من رعاية كريمة وتوجيهات رشيدة من سيدي خادم الحرمين الملك فهد بن عبدالعزيز تغمده الله بواسع رحمته ومغفرته الذي كان حقا قدوة الآباء اهتماماً ومتابعة وتوجيها وتشجيعاً لأسرة مدارس الرياض في منهجها التعليمي والتربوي.
* ما هي الوظائف التي تقلدتها؟
- وبعد رحلة طويلة مع التعليم في الخارج التجأت للعمل في وزارة الداخلية مستشاراً في إدارة العلاقات والتوجيه ثم تمت إعارتي من وزارة الداخلية إلى مدارس الرياض للبنين والبنات، وفي عام 1397هـ تم تعييني نائباً لمدير عام مدارس الرياض للبنين والبنات ومديراً لمدارس البنين فيها حتى عام 1410هـ، بعد ذلك تم تعييني مستشاراً ومشرفاً عاماً على مكتب وزير التعليم العالي، عقب ذلك تمت إحالتي على التقاعد وتم اختياري عضواً في مجلس الشورى.
* كيف تنظر إلى اللحمة الوطنية؟
- بالنسبة لتقوية أواصر اللحمة الوطنية بين مواطني بلادنا الغالية فإنها ومضة مباركة أشرقت بكل خير منذ تفضل الملك المؤسس عبدالعزيز بإطلاق اسم المملكة العربية السعودية عام (1352هـ) على جميع مناطق بلادنا السعودية الغالية التي تم توحيدها بفضل الله وبرعايته ثم جهود وكفاح جلالته -تغمده الله ووالديه بواسع رحمته ومغفرته)- وخلف لنا قيادة مباركة، أسأل الله أن يجزيهم خير الجزاء على إنجازاتهم المعطاءة التي أشرقت خيراً وبركة وأمنا وأمانا وعزة وتعاونا ووئاما ووحدة وطنية مباركة أصبحت بلادنا -ولله الحمد- أغلى وطن ومثلا أعلى وقدوة أسمى بين دول العالم أجمع، وأصبح الولاء عند أبناء هذه البلاد مثالاً ونموذجاً وهم مخلصون لدينهم وقيادتهم.
* كيف تنظر إلى رؤية المملكة 2030؟
- أما الرؤية السعودية المباركة التي أطلقها عراب رؤية التطوير والازدهار وقدوة شباب بلادنا الأخيار صاحب السمو الملكي الأمير الجليل الوفي محمد بن سلمان ولي العهد المفدى رئيس مجلس الوزراء، فقد أصبحت -ولله الحمد- كما سبق أن قال سموه الكريم: إنها (ليست حلماً بل واقع سوف يتحقق)، وقد تحقق فعلا بفضل الله الكثير من معطيات هذه الرؤية البناءة وإنجازاتها المعطاءة علمياً وعمرانياً وصناعياً وتقنياً وصحياً؛ وأسال الله أن تكتمل قريباً جميع خطواتها لما فيها خير الأجيال الحاضرة والقادمة.
* كيف تنظر إلى السياحة في المملكة وما وصلت إليه؟
- بالنسبة للسياحة فإن من أهم مقوماتها والإقبال عليها وجود المعالم الدينية والآثار التاريخية وشواهد الازدهار الحضارية؛ وجميع هذه المقومات الهامة، وقد أولت رؤية التطوير السعودية الحديثة اهتماماً أكبر بمجالات السياحة في جميع مناطق المملكة، وإعداداً أفضل لمواقع الآثار التاريخية العديدة فيها التي لا تزال شاهدا على حضارات مضت وأحداث حصلت خلال القرون الماضية مما جعل المملكة في هذا العهد الزاهر وجهة سياحية ذات أهمية ومكانة عالمية.
* ما هي التوصيات التي كان الرئيس الفخري للمدارس يوجه بها.. بحكم أنك مدير للمدارس؟
- التوجيهات التي كان يوجهني بها الملك سلمان ويحرصني عليها أن أتعامل مع جميع الطلاب دون استثناء، وأن أكون حازماً مع الجميع، وكان هناك من يشتكوني على الأمير سلمان في ذلك الوقت لأنني كنت أنفذ تعليمات سموه خاصة عندما كنت أعاقب أي أمير يرتكب أي خطأ، وكان حريصا على ألا يكون هناك أي مجاملات أو محاباة لأي طالب ولا واسطات ولا تقربات.
* كيف يتم اختيار المعلمين للمدارس؟
- الرئيس الفخري لمدارس الرياض هو الملك سلمان -حفظه الله- ودائماً يوجهنا ويحرّصنا عندما نتعاقد مع مدرسين بأن نختار الأفضل والكفاءات التي لها خبرة من البلدان العربية مثل الأردن ومصر وسوريا وأن نتحقق من كفاءتهم المهنية.
* من هم الطلاب الذين تخرجوا من هذه المدارس.. وأصبحوا قياديين في الدولة؟
- مثل ما أشرت سابقاً الأمير محمد بن سلمان ولي العهد - حفظه الله-، سلمان بن سلطان أمير منطقة المدينة المنورة، سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة، فيصل بن خالد أمير منطقة الحدود الشمالية، تركي بن طلال أمير منطقة عسير، عبدالعزيز بن سطام مستشار في الديوان الملكي، وسمو وزير الثقافة بدر الفرحان وسمو وزير الخارجية فيصل الفرحان والأمير محمد بن عبدالرحمن نائب أمير منطقة الرياض، وهناك وزراء وأصحاب المعالي ونحن فخورون بهذه القيادات التي تعمل من أجل الدين والوطن.
* ماذا يعني لك 14 عاماً من العمل في مدارس الرياض؟
- العمل في مدارس الرياض كان نقطة تحول في حياتي، وأنا فخور أنني عملت في هذه المدارس طيلة 14 عاماً.. وتعرفت على قادة هذه البلاد وأبنائهم ومن عملوا في هذه المدارس من معلمين وطلاب تعلمت منهم الشيء الكثير في حياتي، وأقول لا يستطيع الإنسان من الوصول إلى النجاح إلا بتعاون مع من يعمل معهم.
* كيف كانت تجربتك مع المدارس.. هل واجهتك مصاعب؟
- كانت تجربتي في العمل في هذه المدارس من أجمل حياتي.
* أين تكمن المتعة بعد التقاعد؟
- التقاعد هو بداية حياة جديدة اجتماعياً وصحياً، يمارس الإنسان حياته في الرياضة والمشي والسفر وراحة البال، وأن يعوض أبناءه ما فقدوه عندما كان على رأس العمل.
* ما هو برنامجك اليومي؟
- لا يوجد لدي برنامج يومي أنا أدور الراحة مع الأسرة داخل المنزل وزيارة الأقارب والأصدقاء.
* ماذا أعطيت الوطن.. وماذا أعطاك الوطن؟
- أعطيت الوطن خدمة ما يقارب من 40 عاماً وكلها وفاء وإخلاص لهذا الوطن، وهذه القيادة -ولله الحمد- ولم أعط وطني عشر ما أعطاني، أما ماذا أعطاني الوطن فأعطاني كل شيء.
* من هو مثلك الأعلى في الحياة؟
- مثلي الأعلى في هذه الحياة هو والدي -رحمه الله- الذي سخر جهده لخدمة دينه ووطنه وقيادته.
* كيف وجدت العمل في وزارة التعليم العالي؟
- العمل في وزارة التعليم كان نقلة وخبرة لي في العمل الإداري، وكنت سعيداً بعملي مع وزير التعليم د. خالد العنقري طيلة 15 عاماً وزملائي هم من أعطوني هذا النجاح وهذا الحب.
* أنت عملت في مجلس الشورى ماذا قدمت خلال هذه الفترة؟
- كنت عضواً في لجان التعليم، وقد قدمت العديد من الاقتراحات بحكم خبرتي في التعليم، وكنت فخوراً بعملي في هذا المجلس.
* لك نشاطات في مجال تأليف الأناشيد والشعر حدثنا عن ذلك؟
- تشرفت بكتابة التأليف والأناشيد من سنوات عملي، وهذه القصائد كتبتها وألقيت هذه القصائد أمام ملوك هذه البلاد، وقد جمعت هذه القصائد والأشعار في كتاب (أغلى وطن) ولدي إصدار جديد سوف يرى النور.
* متى تكتب قصائدك الشعرية؟
- ليس لها وقت معين كلما طرأت علي فكرة كتبت قصيدة.