خالد بن حمد المالك
خرجت إيران عن صمتها، وتحدثت عن موقفها من النظام السوري الجديد، بعد أيام من التردد في ظل انتهاء الدور الإيراني في سوريا، إثر سقوط بشار الأسد ونظامه.
* *
فبينما يقول قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع بأنه لا فرصة لإيران بعد نجاح الثورة في البقاء في سوريا ولن يكون لها ذلك في المستقبل، أبدت السلطات الإيرانية رغبتها في افتتاح السفارات في البلدين، دون أن تجد أي تجاوب من السلطات السورية الجديدة.
* *
ولما لم يكن هناك أي ترحيب سوري بوفد من إيران لزيارة سوريا، واجتماعهم بمسؤولي السلطة السورية الجديدة، كما هو مع كثير من الدول، ظهر الموقف السوري الجديد وكأنه مواجهة عقابية من سوريا على الموقف الإيراني على دعم بشار الأسد.
* *
وفي هذه الأجواء الساخنة، وهي بداية - على ما يبدو- لأزمة قادمة بين الدولتين، خرج وزير الخارجية الإيراني بتصريحات نارية أكد فيها أن التطورات المستقبلية في سوريا ستكون كبيرة، وقال نصاً: (من يعتقدون أن هناك انتصارات تحققت في سوريا عليهم التمهّل، فالتطورات المستقبلية كبيرة).
* *
هذا التصريح للوزير الإيراني تزامن مع اتفاق أحمد الشرع مع 15 فصيلاً مسلحاً على دمجها بوزارة الدفاع، وأن تحل نفسها بنفسها، وأنه لا مكان للسلاح المنفلت، وسوف يتم سحب أي سلاح لأي فرد أو فصيل، ولم يبق من الفصائل المسلحة لم توافق على الاندماج سوى قسد.
* *
الموقف الإيراني، وكأنه في حالة تنشيط لعناصر يمكن أن تلعب دوراً في إثارة الفوضى التي سارع وزير الخارجية السوري بأنه لن يتم التسامح معها، ما يعني وكأنه رد على تصريحات الوزير الإيراني.
* *
حتى فصيل سوريا الحرة الذي لم يدع إلى اجتماع الشرع بالفصائل الأخرى، أبدى انفتاحه على من يريد أن يتحدث معه، مع وجود اشتباكات بين قسد وعناصر مناوئة لها، بدعم من تركيا، ودون أن تلوح في الأفق هدنة تقود إلى تسوية.
* *
ومن الطبيعي أن تكون فترة ما بعد هروب بشار الأسد، وسقوط نظامه، مهيأة للتدخلات الأجنبية، وتفاوت المواقف الدولية منها، ومحاولة كل دولة استثمار هذه الفترة لتسجيل مصالح لها في سوريا.
* *
لكن الأكيد المؤكد، أن سوريا تخلَّصت من الظلم والاستبداد، وأنها سوف تعود إلى المجتمع الدولي والإقليمي، بعد أكثر من نصف قرن من الضياع، وأن السوريين المهاجرين أو المهجَّرين سيعودون إلى بلادهم، ويشاركون في استقرارها، وتحسّن أوضاعها.
* *
ومن المؤشرات الإيجابية، أن كثيراً من دول العالم بدأت في التوافد على سوريا بممثلين لها، وتحدثت عن دعمها وترحيبها بالنظام الجديد، وإعادة ما قطعته من علاقات، واستعدادها لفتح سفاراتها في سوريا، وقبول سفراء للنظام الجديد في الدول الأخرى.
* *
هذا لا يعني أن سوريا في عهدها الجديد لن تواجه بتحديات داخلية وخارجية، ولا يمكن القول، بأن كل العقبات قد زالت بسقوط النظام القديم، غير أن الوقت يسير لصالح استعادة الدولة السورية لوضعها الطبيعي، بوصفها دولة حرة ومستقلة، دون وصاية من دول أخرى، أو هيمنة على مفاصل قراراتها كما كان ذلك سائداً في فترة بشار الأسد.