خالد بن عبدالرحمن الذييب
تعتبر المشاركة المجتمعية في العملية التخطيطية من أساسيات نجاح مخطط المدينة لتحقيق أهدافه، باعتبارها الإطار التشريعي والأخلاقي المنظم للعلاقات بين الجهات المختلفة وتحديد المسؤوليات بشكل واضح.
الإشكالية، وربما تكون جانباً إيجابياً في ذات الوقت، هو عدم وجود طريقة واحدة أو معادلة معينة لتحقيق هذه المشاركة، فالأمر يعتمد على إدارة المشروع أو إدارة المدينة، ويمكن تعريفها بشكل مختصر بأنها إشراك شرائح المجتمع وقطاعاته المختلفة، وتحديد المسؤوليات بشكل مبكر من مراحل المشروع، للوصول إلى أهداف المدينة سنة الهدف.
هناك طريقان رئيسيان يؤخذان في الاعتبار، الأول (داخلي - خارجي) من خلال المنظمة إلى المجتمع، والثاني (داخلي - داخلي) من خلال إدارة المنظمة ذاتها. الطريق الأول يمكن توضيحه بتحديد أهداف المشاركة المجتمعية، وإفهام المجتمع المحلي بأهميتها، وإشراكه في العملية التخطيطية مبكراً، أما الطريق الثاني (داخلي - داخلي) فيكون من خلال إدارة المنظمة نفسها، وهو أمر مهم، فإقناع المجتمع وإشراك شرائحه في العملية التخطيطية لا يتم إلا إذا كانت إدارة المنظومة من الداخل تفهم أهمية وكيفية المشاركة المجتمعية. ولكي تنجح المشاركة المجتمعية لا بد لمنظومة إدارة المشروع أن تتعامل بطريقة تشجع تبادل المعلومات والأفكار. ويتم ذلك من خلال (الشفافية) بتوفير طريقة مناسبة وبشكل متساوٍ للمعلومات الضرورية والخاصة باهتمامات المجتمع وشركاء التنمية وتقديم مرئياتهم حيال المشروع، و(الكفاءة الإدارية) من خلال التعامل مع مستويين من التنسيق أحدهما عمودي خاص بالجهة المشرفة على المدينة، وذلك بالتنسيق الداخلي بين المستويين الأدنى والمستوى الأعلى، والثاني تنسيق على المستوى الأفقي وهذا ينقسم إلى قسمين أيضاً، أفقي داخل المنظمة من جهة، ومن جهة أخرى مع شركاء التنمية. وأخيراً (العدالة) بين شركاء التنمية بأخذ مرئياتهم ومناقشتهم.
ومع إيجابياتها الظاهرة للعيان، إلا أن هناك تحديات تواجه هذا الأسلوب، ومنها: الاختلاف حول درجة المشاركة، ونوع المعلومات المطلوب معرفتها وتوفيرها. فبعض الجهات يكون لديها تحفظ على بعض المعلومات باعتبارها سرية ولا يمكن مشاركتها مع الجهات الأخرى، وهنا يأتي دور الإدارة الخاصة بالمشروع وكيفية التعامل مع هذه الإشكاليات.
من التحديات أيضاً عدم اهتمام العامة بالقضايا البيئية، وهذه معضلة كبيرة وبالذات في الدول الأقل نمواً، فهذه القضايا لا تشكل أهمية لدى المواطن العادي، وبعض المسؤولين نتيجة الاحتكاك المباشر مع المواطنين لا يبدي اهتماماً بها. تحدٍّ آخر وهو عدم مراعاة أهمية رغبات المجتمع من قبل صنّاع القرار اعتقاداً منهم بأنهم الأكثر معرفة بمصلحة المجتمع نفسه.
أخيراً ...
المخطط المتمكن هو الذي يستطيع فهم واستيعاب رغبات المجتمع، ثم تطبيقها على أرض الواقع بأسلوب تخطيطي يفيد المدينة.
ما بعد أخيراً ...
مهم جداً مراعاة الشعرة الدقيقة بين رغبات المجتمع وبين السير خلف رغبات «جزء» من المجتمع.