عبدالرحمن العطوي
المتابع للسجون في دول العالم ومقارنتها بسجون المملكة العربية السعودية لابد له أن يتوقف ويتأمل في ذلك، فسبق أن تحدثت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية والتقارير الصحفية العالمية عن سجون المملكة. فقد وصفتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية بأنها كالفنادق الفاخرة التي تحفظ للسجناء كرامتهم وتعيد إصلاحهم وتثقيفهم، وأنهم يلقون معاملة حسنة، فالسجون هي إصلاحية لإنقاذ المخطئين بحق مجتمعِهم وحياتِهم من التمادي وإعادتهِم للطريق الصحيح عبر برامج تأهيلية، ففي السجون السعودية ما يسمى «البيتُ العائلي» وهو أحد البرامج الإنسانية التي بادرت بها المديرية العامة للسجون السعودية؛ بهدف ربط النزيل بأسرتِه لتكون حافزاً في إصلاحِه وعودته عنصراً فاعلاً في المجتمع، التي لاقت استحسان النزلاء وكذا ذويهم، حيث يشمل جميع النزلاء الموقوفين المحكومين وجميع النزلاء السعوديين وغير السعوديين، ويشمل جميع القضايا دون استثناء.
وأستذكر هنا قيامنا ومن خلال صحيفة الجزيرة بزيارة سجن تبوك والالتقاء بنزلائه، وإعداد حلقات خاصة عن سجن تبوك التي نشرتها صحيفة (الجزيرة) تباعاً على حلقات، ومن ضمن هذه الحلقات حلقة عن السكن العائلي والجناح المثالي، وتم نشر هذه الحلقة في العدد 11603 في 4-7-2004م، حيث تجولت الصحيفة في السكن العائلي الذي يقضي فيه السجين يوماً كاملاً مع أسرته وأطفاله، حيث أُعدت بوابة خاصة لدخول الأسرة دون أن يشعر الأطفال بأنه سجن، وهناك الجناح المثالي الذي يشمل مميزات تقدم للنزلاء ممن تميزوا عن بقية النزلاء، وتقدم لهم خدمات إضافية من صالة رياضية وقنوات فضائية إضافية، كل ذلك كان تقريرنا قبل أكثر من عقدين من الزمن.
ومما يلقاه النزيل في سجون المملكة الذي لا تشهده أي سجون أخرى في العالم، هو حفظ كتاب الله الكريم وتهيئة الأجواء لحفظه وتدارسه وتوفير المصاحف لكل نزيل، وهذا يهيئ للنزيل إسقاط نصف المدة من محكوميته عند إتمامه حفظ كتاب الله كاملاً، بل إن هذا الحفظ يكون متاحاً للنزيل، فكلما حفظ جزءاً يتم إسقاط مدة من الحكم حتى يحفظ كتاب الله كاملاً فتسقط نصف مدة المحكومية.. وهناك محاضرات وبرامج توعوية ودورات تدريبية تقام في السجون، بالإضافة لإتاحة المجال لإكمال الدراسة فهناك مدرسة لجميع المراحل وإتاحة الفرصة لإكمال الدراسة الجامعية انتساباً، فهناك الكثير ممن أنهوا دراستهم الجامعية وهم يقضون محكوميتهم في السجون.
ومما تقدمه للنزلاء هو إتاحة الفرصة لقضاء يوم كامل لدى أسرته، حيث أعطي النزيل المرتبط بأسرة وزوجة وقضى نصف محكوميته الخروج لقضاء يوم كامل مع أسرته.
إن الحديث عما تقدمه المملكة ممثلة في قيادة هذه البلاد لهؤلاء النزلاء يحتاج إلى إقامة محاضرات لإبراز تلك الخدمات، بالإضافة للخدمات الصحية ووجود مركز صحي داخل كل سجن، وأقسام خاصة للسجناء في المستشفيات عند حاجة النزيل لذلك، ووجود الخدمة الهاتفية في كل عنبر من عنابر النزلاء ليتمكن النزيل من التواصل مع ذويه في أي وقت طوال اليوم، فضلاً عن الزيارات الأسبوعية المتاحة لأسرته، بالإضافة لصدور العفو الملكي عن النزلاء في كل عام، حيث يصدر خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - عفواً عاماً عن السجناء بمناسبة شهر رمضان المبارك من كل عام، ويتم من خلاله تشكيل اللجان وإطلاق سراح من تنطبق عليهم شروط العفو ليقضوا شهر رمضان الكريم وعيد الفطر المبارك مع أسرهم، كذلك هناك جمعيات لرعاية أسر السجناء ومتابعة حالات الأسر التي تحتاج إلى جميع أنواع الدعم سواء المادي أو النفسي.
ما نذكره هو جزء مما نعرفه ولمسناه من خلال زيارات إعلامية ولقاءات خلال عقود من الزمن في سجن تبوك الذي يحاكي بقية سجون المملكة وفي هذه الإصلاحيات التي يزورها وفود من هيئات حقوق الإنسان وجمعيات حقوقية، وكذلك زيارات المختصين من النيابة العامة.
سجون المملكة تبقى أنموذجاً فريداً في العالم، وهذا نهج هذه البلاد وقيادتها وتطبيقها لأحكام الشريعة الإسلامية.