رسيني الرسيني
التصور العام أن تشريعات التقنية في قطاع التأمين استحدثت مؤخرًا، بينما الحقيقة أن البنك المركزي «ساما» كان له جهود كبيرة من وقت مبكر، والآن جهود هيئة التأمين امتدادًا لذلك. حيث بدأت أولى التشريعات للتقنية التأمينية في عام 2011م بوقت تكاد لا تجد من يتحدث عن هذه المواضيع أو يفهمها، وبهذا يحسب للمنظم أنه يسبق السوق بتشريعات تحفزه على الابتكار والتطور المؤسسي.
وبالنظر إلى أول تشريع بهذا الشأن، هو إصدار البنك المركزي لائحة عمليات التأمين الالكترونية في عام 2011م نجد أن اللائحة صيغت بشكل عام لـ «أي تبادل أو تراسل أو تعاقد، أو أي إجراء آخر يبرم أو ينفذ - بشكل جزئي أو كلي - بوسيلة إلكترونية» كما ذكر في اللائحة، لتكون نقطة البداية لقطاع التأمين في خارطة التحول الرقمي وأتمتة الأعمال الذي نعيشه اليوم ونشهده في رحلة العميل، ابتداءً من شرائه للوثيقة ودفع قيمتها إلى تقديمه للمطالبة وتسويتها، أصبح كل شيء إلكترونيًا أو كما يشار إليها بالتقنية التأمينية أو «InsurTech».
تلت هذه اللائحة، لوائح وقواعد أخرى وذلك بعد تطور مصطلح التقنية التأمينية وتطور التقنية بشكل عام في حياتنا اليومية، حيث صدرت القواعد المنظمة لأعمال وساطة التأمين الالكترونية في عام 2020م، والتي تهدف إلى تحديد متطلبات وضوابط الترخيص لممارسة أعمال وساطة التأمين الالكترونية، كما تهدف إلى وضع ضوابط خاصة للعلاقة بين الوسيط وشركات التأمين بشكل يحفظ حقوق جميع أطراف العلاقة بمن فيهم المستفيد النهائي أو العميل.
وفي عام 2023م صدرت قواعد التقنية المالية التأمينية، والتي تعتبر نقلة نوعية بسبب أنها تنظم مبادئ أعمال التقنية المالية التأمينية بكافة الأنشطة وليس حصرًا على الوساطة، وذلك بهدف تحديد الإطار التنظيمي والإشرافي ومفاهيم ممارسة النشاط وحماية حقوق المتعاملين مع الشركة التقنية والمساهمة في تنمية وتشجيع أعمال التقنية في قطاع التأمين. الأمر الذي سيشجع الشركات على التحول الرقمي واستخدام الذكاء الاصطناعي (AI) والبيانات الضخمة (Big Data) وتقنية سلسلة الكتل (Blockchain) وإنترنت الأشياء (IoT).
حسنًا، ثم ماذا؟
مؤخرًا أطلقت هيئة التأمين إطاراً تنظيمياً للبيئة التجريبية التشريعية التأمينية بمسمى «معمل التأمين» يهدف إلى تشجيع الشركات ورواد الأعمال على تقديم نماذج عمل مبتكرة، بحيث يوفر لهم بيئة عمل تجريبية تسهل تبني التقنيات الجديدة واختبار قابلية تطبيقها على قطاع التأمين دون المساس بحقوق العملاء.