عبدالله إبراهيم الكعيد
رحل الأمين (الأشهر) لعاصمتنا المبهرة الرياض المرحوم بإذن الله عبدالله العلي النعيم المعروف بكل بساطة وبدون ألقاب: بأبي علي.
لن أعدد مناقب الراحل فقد كتب عنه غيري وأسهب، لكنني سأذكر موقفا واحدا لي معه من عدة مواقف. قد لا يعرف البعض بأن أبي علي يحرص كل الحرص على ممارسة رياضة المشي يوميا حتى آخر عمره. كان يمشي في ممشى الريان حيث أمشي. حدث أن انقطعت عن الممشى لمدة أسبوعين للنقاهة بعد عملية جراحية أجريتها قبل ما يقارب عقد ونصف. لاحظ الراحل مشيتي على غير المعتاد فخرج من المسار الذي كان يمشي فيه وتوجه إليَّ مقبلاً. سألني عسى ما شر، سلامات؟ فأخبرته بحالتي. واساني وشجعني ومضى كل منّا في مساره.
في شهر مايو من عام 2002 احتفت عنيزة مدينة الوفاء بابنها البار عبدالله العلي النعيم وكنت أحد حضور ذلك الاحتفاء، ثم كتبت بعد اطلاعي على الكتاب الذي ألّفه الراحل عن العمل الاجتماعي:
«لم يك أمين مدينة الرياض سابقاً (أبوعلي) عبدالله العلي النعيم طارئاً على العمل الاجتماعي التطوعي، فلقد كان ضمن أعضاء هيئة أول صندوق للبر في عنيزة الذي أُسس في أوائل شهر ذي الحجة من عام 1374هـ(لديّ وثيقة تُثبت ذلك)، وهذا الصندوق عبارة عن فكرة سامية قام بها فريق من شباب الوطن لإنشاء صندوق للبر لكي يكون بلسماً شافياً لقلوب البائسين والمعوزين، وليرسل إشعاع السرور والبهجة إلى نفوسهم تلك التي أضناها ثقل البؤس وأنهكتها يد الفاقة والمسغبة، هكذا لخّص أولئك الشبان مهمة عملهم الخيري آنذاك.
لكم أن تتخيلوا وجود وعي بالعمل الخيري التطوعي في زمن كان يندر فيه حتى من يفكّ الحرف. مناسبة هذه الإلماحة هو إطلاعي على كتاب بعنوان (العمل الاجتماعي التطوعي - مع التركيز على العمل التطوعي في المملكة العربيّة السعودية) من تأليف النعيم عبدالله. يُبرز الكتاب دور الجمعيات الخيرية في المملكة ودورها، وقد لفت انتباهي رؤية عملية طرحها الأمين (أبوعلي) في كتابه يشير فيها إلى أهمية ايجاد منظمات يشغلها القطاع الخاص حتى تُمكّن من حث المواطنين على المساهمة بدرجة أكبر في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلاد حيث إن غالبية الجمعيات الخيرية التطوعية القائمة ليست سوى مراكز لتوزيع (الصدقات) فانطبق عليها المثل القائل «إن أنت أطعمت الفقير مراراً أصبح متسولاً»، ولهذا ينبغي أن يتم تدريب المحتاج القادر على العمل وحثه على الكسب لكي يصبح مواطناً منتجاً ونافعاً».
اليوم ونحن نودّع أحد رجالات الوطن الأفذاذ ندرك بأن تلك السلسلة من المخلصين لن تنقطع، فأبناء وبنات اليوم يسيرون على ذات النهج المتجدد.