هادي بن شرجاب المحامض
هل تكون الحرب بين القوى العظمى لصالح الشعوب؟ حين تتصاعد نذر الحرب بين القوى العظمى، يراها بعضهم كارثة على البشرية، بينما يعتقد آخرون أنها قد تكشف خبايا وألاعيب تُمارس في الخفاء ضد الشعوب الأضعف. فالحرب بين الدول الكبرى، رغم مآسيها، تزيح الستار عن أساليب الاستغلال والخداع التي ترزح تحتها دول العالم الثالث والنامية.
شهد العالم في السنوات الأخيرة تزايداً في الأوبئة والأمراض التي أثارت شكوكاً حول كونها طبيعية أم مصطنعة، الحروب بين الدول العظمى غالباً ما تُجبر الأطراف المتنازعة على كشف الأوراق، بما في ذلك حقيقة تمويل مختبرات معينة أو التلاعب بالفيروسات لتحقيق أهداف اقتصادية أو سياسية. مثل هذه الصراعات قد تُخرج إلى العلن أسراراً عن كيفية استغلال هذه الأزمات لفرض الهيمنة على الدول النامية من خلال بيع الأدوية أو فرض شروط قاسية للحصول على المساعدات الطبية أو غيرها.
وسط هذه التوترات بين القوى الكبرى، برزت المملكة العربية السعودية بقيادة الأمير محمد بن سلمان كدولة محورية لا يمكن لأي طرف تجاهلها، بحنكة ودهاء وشجاعة، تمكن الأمير محمد بن سلمان من تحويل المملكة إلى قوة إقليمية ودولية تمتلك تأثيراً كبيراً على القرارات العالمية.
استغل ولي العهد هذه الصراعات بين الدول الكبرى ووضع المملكة في موقع استراتيجي يجعل الجميع يسعون للتودد إليها وكسب ودها، فعلى سبيل المثال، استخدم الأمير محمد بن سلمان موارد المملكة، خاصة النفط، بذكاء، ما جعل الدول الكبرى تعتمد على استقرار المملكة في الإمدادات السعودية لتحقيق توازن أسواق الطاقة، لم تنحز المملكة لأي طرف، بل تبنت سياسة مستقلة تعتمد على تحقيق مصالحها الوطنية، ما جعلها قادرة على الحوار مع جميع الأطراف. وفي ظل تصاعد التوترات العالمية، عملت المملكة على تعزيز مكانتها كوسيط لحل النزاعات وكشريك اقتصادي موثوق، مستفيدة من رؤيتها الطموحة «رؤية 2030».
الأمير محمد بن سلمان لم يكتفِ بالوقوف على الحياد في الأزمات الدولية، بل حوّل هذه التحديات إلى فرص للنمو وتعزيز مكانة المملكة، ومع تصاعد الصراعات بين الشرق والغرب، أصبحت المملكة الوجهة المفضلة للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار السياسي والاقتصادي. كما أن المملكة أصبحت صوتاً مسموعاً في القضايا الحيوية مثل أمن الطاقة، التغير المناخي، والذكاء الاصطناعي، ما جعلها لاعباً رئيسياً في صياغة مستقبل العالم.
قادت المملكة جهوداً دبلوماسية ناجحة جمعت بين بناء التحالفات الإقليمية وتقوية العلاقات مع القوى الكبرى، الحروب بين القوى العظمى تكشف أيضاً عن طبيعة التلاعب السياسي والاقتصادي الذي تمارسه الدول الكبرى ضد بعضها البعض، على سبيل المثال النزاع الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة فضح أساليب الهيمنة التقنية والاستغلال التجاري، بينما الصراع بين روسيا والغرب كشف عن كيفية استخدام العقوبات الاقتصادية كورقة ضغط، والتي أظهرت نقاط ضعف لم تكن ظاهرة في النظام المالي الغربي.
هذه الصراعات أزاحت الستار عن حملات التضليل الإعلامي واستغلال قضايا حقوق الإنسان لتحقيق أهداف جيوسياسية.
تحت قيادة الملك سلمان وولي عهده، استطاعت المملكة أن تحول المشهد الدولي المضطرب إلى فرصة لترسيخ مكانتها كقوة مستقلة ومؤثرة.
وفي ظل هذا الدور الريادي، لم تعد المملكة مجرد مراقب للصراعات العالمية، بل أصبحت لاعباً محورياً قادراً على تشكيل التوازنات الدولية وضمان مصالحها الوطنية، مع المحافظة على مكانتها كدولة رائدة تسعى لبناء مستقبل مشرق لشعبها وللعالم أجمع.