عبدالرحمن العطوي

العمل التطوعي ظاهرة اجتماعية إيجابية تمثل سلوكًا حضاريًا ترتقي به المجتمعات والأمم، وهو مدرسة إنسانية ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بكل معاني الخير والعمل الصالح ونشر التماسك الاجتماعي بين الناس، ويعكس أرقى أنواع السلوك الإنساني المتحضر الذي يرتقي بذوق وسلوك المجتمع الإنساني.

ويحمل العمل التطوعي في ثناياه العديد من الفوائد الاجتماعية والقيم الدينية التي تهدف جميعها في نهاية المطاف إلى ترسيخ مفاهيم التعاون والتعاضد المجتمعي واستنهاض همم الأشخاص والأفراد للانخراط في تقديم العون والمساعدة للآخرين عبر منبر العمل الإنساني لإغاثة الملهوف وتعزيز روح التعاون والتكافل بين أبناء المجتمع وترسيخ روح الانتماء الوطني للمتطوعين، إضافة إلى الفوائد الروحية والنفسية والعقلية والجسدية والاجتماعية، كما يقوي التطوع الترابط الأسري بين أفراد المجتمع وينمي العلاقات الإنسانية.

وأكدت رؤية المملكة 2030 على بناء ثقافة العمل التطوعي وتشجيعه ورفع نسبة المتطوعين ليصل لمليون متطوع قبل نهاية عام 2030، باعتباره جانبا مهما من جوانب التطوير والتنمية المستدامة.

ويشكل أبناء الوطن ذكوراً وإناثاً أنموذجاً يحتذى به في العالم لانخراطهم في العمل التطوعي الذي هو سلوك متوارث وديننا الإسلامي يدعو لذلك وعرف مسلمي العالم، هذا السلوك منذ قيام هذه الدولة العظيمة من خلال خدمة المعتمرين والحجاج الوافدين لبيت الله الحرام حيث المشاركة في الأعمال جنباً إلى جنب مع أجهزة الدولة التي تسخر كافة إمكانياتها لخدمة هؤلاء الضيوف، فالعمل التطوعي له مظلة رسمية يعمل وفق أنظمة تلك الجمعيات التطوعية التي تمارس عملها وفق آلية منظمة، ومن ذلك فرق تطوعية تختص بالبحث والإنقاذ ولها مهام وأعمال إنسانية معتمدة من المديرية العامة للدفاع المدني ومسجله رسمياً في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ومنها فريق إنجاد وهو فريق تطوعي رائد في أعمال الإنقاذ منتشر في كافة مناطق المملكة مدنها ومحافظاتها ومراكزها حيث يؤدون أعمالا إنسانية على مدار الساعة في أعمال البحث والإنقاذ وتلقي البلاغات والتحرك سريعاً، وخاصة في بلاغات المفقودين في المناطق الصحراوية والجبلية والتعاون مع الأجهزة الحكومية في عملية تكاملية والانتشار على مركباتهم الخاصة المزودة بوسائل الإنقاذ وأجهزة الاتصالات والخرائط وهناك قصص عديدة كانت تلك الفرق مساهمة في العثور على مفقودين وتائهين في الصحراء، وفي منطقة تبوك ومن خلال عمل هذا الفريق وبحكم عملنا الإعلامي والمتابعة شاهدنا جزءا من تلك الأعمال، وهذا ينطبق على بقية مناطق المملكة وفرق الإنقاذ التطوعية الأخرى في الوصول لمفقودين وعالقين في الكثبان الرملية وفي تساقط الثلوج وكثرة طلب هذه الفرق التطوعية التي خصص لها رقم مجاني لتلقي البلاغات على مدار الساعة، وأستذكر أنه في أحد مواسم الأمطار في منطقة تبوك وجريان السيول وكثرة حالات تعطل المركبات قبل ثلاثة أعوام باشر مجموعة من أعضاء فريق إنجاد احتجاز مركبة وسط السيول وقاموا بإنقاذ من فيها ونتج عن ذلك تلف مركبة عضو فريق إنجاد الذي أنقذهم وانقلابها داخل مياه السيول، كما أن هذا الفريق يلقى دعم واهتمام أصحاب السمو أمراء المناطق فقد شهدت عدة مناطق التقاء أمراء المناطق بأعضاء هذا الفريق والإشادة بما يقوموا به من أعمال تطوعية إنسانية وهذه الأعمال هي ديدن في هذه البلاد وأبنائها وبناتها يسيرون بخطى ثابتة واثقة في أن قيادة هذه البلاد تستثمر في الإنسان وفق خطط مستقبلية يقف خلفها عراب رؤية المستقبل 2030 التي ترسم ملامح للأجيل القادمة بسواعد أبناء هذا الوطن المعطاء.