د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
في الأسبوع الماضي غيب الموت الأمين السابق للعاصمة الرياض معالي الشيخ عبدالله العلي النعيم رحمه الله وأسكنه الجنان؛ وهو رحمه الله من كانت قيادته لأمانة الرياض وسما حيا يتعالى ذكره وشكره إلى وفاته غفر الله له؛ ففي حقبة الثمانينيات من تاريخ بلادنا فازتْ النهضة آنذاك بشخصه المتميز ليسهم في إتمام مساراتها ومسيرتها، وحظيت الرياض بأوقات ملأى لم تتقشف يوما! وهو رحمه الله يتخطى كبوات الجواد بأسلوب القوي الأمين؛ واللافتُ أن الفقيد الشيخ عبدالله العلي النعيم تعامل بوعي وبخطوات حافزة مع مواقف مدينة فتية تتيه خيلاء لامتلاءاتها التي كانت تستعد للحضور والحضارة، فكان أبو علي رحمه الله يصحح حضوره وتحضيره في كل زواياها لترضى! ودائما ما يستأنف المسير دونما نكوص، فكانت هناك ينابيع من المنجزات تفيض وتندى!
وفي عموم مسيرة معالي الأمين، رحمه الله، تقلد بكل جدارة وسام القائد القدوة والنموذج الحي!
فمعالي الشيخ عبدالله العلي النعيم، قد أهّلته شخصيته وشجاعته وخبراته وذكاءاته المتعددة لمعالجة كثير من المهام، وأكسبته حزما من النجاحات ودائما ما يتوارد إلى أذهان مجايليه حكاية (مدمن القرع الذي حتما يلج الأبواب)؛ لأن معاليه وما راده وجال فيه من محطات العمل الصغيرة ثم الكبيرة بدء من بدايات التعليم في نجد إلى قيام جامعة الملك سعود وقبلها في عنيزة أرضه الحبيبة التي احتضنت بداياته في أسواقها ومن ثم في مدارسها، ومواقف تترى في مسيرته الوظيفية، كل ذلك ارتقى بخبراته وأكسبه الكثير من الثقة والدعم اللامتناهي من ولاة الأمر، وقصة تعيينه أمينا لمدينة الرياض في عهد الملك فهد رحمه الله إبان كان الملك سلمان حفظه الله أميراً للرياض من الشواهد المضيئة؛ ففي القصة حلم وعزم وفهم وتجربة إدارية ثرية تستحق الوقوف والتمعن؛ حيث استوفى معاليه مراسي القيادة المنتجة من خلال المهارة في صياغة القرار وبناء أركانه والشجاعة في استصداره والقدرات المبهرة على تنفيذه.
ولقد حظي الشيخ عبدالله العلي النعيم بكم غزير من مهارة الاتصال بنكهة خاصة جداً؛ يردفها نمط إداري خاص أيضا وتجربة إدارية تجاوزت السبعين عاماً، وجدية الرجل وعزائمه الصلبة وجرأته الفاعلة؛ نتاج تجربة حقيقية طويلة حافلة بالمسؤوليات والتحديات وتعددية المنجزات، وممكنات النهوض وصناعة الأعمال العظيمة في الأجهزة الخدمية المرتبطة بالناس، وكان للشيخ النعيم رحمه الله اتصال واسع غزير بوجيب المجتمعات واحتياجهم الثقافي والنفسي فقاد معاليه منظومة تنوير ثقافي اهتزت وربت وآزرتها مراكز تنمية مجتمعية ألبسها رحمه الله من حلل عقله الذي قاد به القطاعات الحكومية قبل تقاعده، فوضع لها نظاما مؤسسيا يقوم على النفع العام والاستدامة، فأصبح نجاح معالي الشيخ عبدالله العلي النعيم سبقاً يُراهنُ عليه.
رحم الله فقيد الوطن، وأحسن الله عزاء عائلته وجمعهم في الفردوس و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.