سلمان بن محمد العُمري
بعث لي أحد زملاء الدراسة في المرحلة الابتدائية رسالة موجزة تتضمن قرارات وزارة التعليم الجديدة عن العقوبات التي تمنعها الوزارة في استخدامها مع الطلاب والطالبات في المدارس، وهي: «التهديد بحسم درجات، عدم تكليف الطالب بنسخ الواجب عقاباً له، عدم طرد الطالب خارج الصف كعقوبة، عدم الإيذاء الجسدي والنفسي، عدم الحرمان من تناول الإفطار، لا يمنع من الذهاب لدورة المياه أو الشرب، عدم السخرية منه أو استفزازه». انتهى
واتبعها صاحبنا بقوله معظم هذه العقوبات ذاقها جيلنا، ومرت عليهم وكانت تشكل أذى نفسياً وبدنياً على الطلاب وتسبب في هروب أناس من مقاعد الدراسة لهذا السبب، وزاد عليها مقولة الآباء في ذلك الوقت: «لكم اللحم ولنا العظم».
وصبر الكثير على الأذى وتحملوا الكثير من الألم النفسي والجسدي، وجلسنا في نقاش وجدال، واسترجاع لبعض المواقف، مع استذكار لبعض أسماء لزملاء الدراسة، وبالذات ممن لم يواصلوا تعليمهم نتيجة ظروف معينة، واستخدام الأساليب العقابية التي يستخدمها بعض المعلمين من الدول العربية، وبأساليب قاسية بعيدة كل البعد عن التعاليم الإسلامية في الرفق واللين، والتربية والتوجيه، حتى أن البعض منهم من قسوته وشراسته معروف عنه التنوع في استخدام العقوبات الشرسة مع أطفال صغار، وكأنه يتعامل مع مجرمين داخل السجون.
كان البعض يستخدم أنواعاً شتى من العقوبات النفسية والجسدية، مع سخرية واستهزاء بالطلاب، ونبذهم، واصفاً إياهم بالبدو تارة، والمتخلفين تارة أخرى، والرجعيين، وكلمات لم نعرف معناها حتى كبرنا وفهمناها.
نعم، التطاول الذي كان يقوم به بعض المعلمين في ذلك الوقت، عفواً أقصد الوحوش، لم يقدروا قيمة الوطن الذي أتاح لهم العيش الرغيد، والاسترزاق لهم ولأسرهم!!.
ونحن في هذا المقام لا نبخس عمل رجال ونساء من دول عربية شتى أدوا رسالتهم النبيلة على الوجه المأمول، مع تعامل راق وصدق وإخلاص في التعامل.
المدرسة بيئة تعليم وتربية، أساسها المعلم المربي، والقدوة الذي يعتبر بمثابة الأب للطلاب، والمعلمة بمثابة الأم للطالبات في الميدان التعليمي، ولكن هيهات.. هيهات، فليس كل من عمل في هذا الميدان أدى رسالته على الوجه المطلوب، وكما ذكرت لا نغفل في نفس الوقت الشكر والدعاء لأساتذة كرام فضلاء أدوا واجبهم على الوجه الأكمل، وتعاملوا مع الطلاب كأبنائهم، واحتضنوهم في بيئة تعليمية نظيفة يسودها الحب والوئام، والأسرة الواحدة.
إنه لعمل رائع حينما تقوم القطاعات بمراجعة أنظمتها، وأعمالها، وتخضعها للتقويم والتقييم، بين فترة وأخرى، والأجمل حينما تشرك ممن يعملون في الميدان في المراجعة والتدقيق، والإفادة من رؤاهم وخبراتهم الميدانية، وكذلك الاستفادة من تجارب بعض الدول المتطورة.
في حقل التعليم دولة مثل الصين ظهرت مدارس حديثة تهدف إلى تقديم تجربة تعليمية شاملة تتجاوز المناهج التقليدية كالرياضيات واللغات، حيث تركز المدارس على تعليم الأطفال المهارات الحياتية تجعلهم مستعدين لمواجهة تحديات المستقبل، يتمثل هذا المنهج في دمج دروس مخصصة لتطوير مهارات مثل: الطبخ، وإدارة الوقت والعمل الجماعي، وحتى المهارات الحرفية جنباً الى جنب مع الأنشطة الرياضية التي تعزز اللياقة البدنية والانضباط.
تهدف هذه المدارس إلى تنشئة أطفال يعتمدون على أنفسهم دون اتكالية حيث تم تشجيعهم على اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية منذ الصغر، وتسعى هذه المنظومة إلى إعداد رجال ونساء المستقبل بأدوات تعينهم على النجاح في الحياة العملية والشخصية مع التركيز على الثقة بالنفس وتنمية الإبداع، ليتحول التعلم إلى تجربة حياتية شاملة. وفي تصوري الشخصي أن توفير المباني النموذجية، وإعداد المعلم نفسياً ومهنياً أول الخطوات التصحيحية.