سطام بن عبدالله آل سعد
أصبحت زيادة بدل النقل ضرورة لتعويض الفارق الكبير الناتج عن الزيادات المتواصلة في أسعار الوقود خلال السنوات الأخيرة، والتي جاءت ضمن إطار التحول الاقتصادي التنموي الذي تشهده المملكة. أحد أبرز التحديات في منظومة بدل النقل هو عدم مراجعة مستوياته القديمة رغم التغيرات الاقتصادية المتسارعة وارتفاع تكاليف المعيشة، مما أدى إلى أعباء مالية متزايدة على الأسر المتوسطة وذات الدخل المحدود.
في الأعوام الأخيرة، زاد سعر بنزين 91 بنسبة 191 %، وبنزين 95 بنسبة 160 %، والديزل بنسبة 155 % وقد أسهمت هذه الزيادات بصورة مباشر في تفاقم تكاليف التنقل اليومية، في حين ظل بدل النقل في العديد من القطاعات الحكومية والخاصة ضمن حدود 500 إلى 700 ريال تقريباً، مما جعله غير كافٍ لتغطية الفارق. هذا الوضع فرض تحديات ملموسة على الموظفين والموظفات، سواء في تنقلاتهم داخل المدن أو التنقلات اليومية من وإلى المناطق والمدن المجاورة، وأثر على جودة حياتهم وقلّص من خياراتهم اليومية.
وعلى مستوى الاقتصاد الكلي، تسهم هذه الأعباء في تآكل القوة الشرائية للمواطنين، مما يقلص قدرتهم على الاستهلاك ويُضعف النشاط الاقتصادي بشكل عام، الأمر الذي ينعكس سلبًا على معدلات النمو الاقتصادي. وتتحمل الفئات المتوسطة وذات الدخل المحدود العبء الأكبر من هذه الضغوط، مما يفاقم التباين الاقتصادي والاجتماعي، ويهدد بتعميق الفجوة بين الشرائح المختلفة في المجتمع.
لذلك، تعد زيادة بدل النقل خطوة استراتيجية لتحسين مستوى المعيشة وتعزيز النشاط الاقتصادي، فهي من الناحية الاقتصادية ستسهم في رفع القدرة الشرائية، مما يُحفّز الطلب المحلي على السلع والخدمات، ويُشجع القطاعات الإنتاجية، ويفتح المجال لتطوير بعض القطاعات كسلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية. كما تُساهم هذه الزيادة في تحقيق التوازن بين تكاليف المعيشة ومستوى الدخل، والحد من التفاوت الاقتصادي، وتعزيز الاستقرار المجتمعي.
على المدى البعيد، يمكن لهذه الخطوة تمكين الأفراد والأسر من إعادة توجيه إنفاقهم نحو قطاعات حيوية مثل التعليم، الصحة، والإسكان. هذا التوجه يخلق ديناميكية اقتصادية مستدامة، ويساند النمو في قطاعات متنوعة، كما يعكس مرونة السياسات الحكومية والخاصة في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية، بما يضمن توزيعًا عادلًا للموارد.
علاوة على ذلك، تسهم زيادة بدل النقل في مرونة سوق العمل الوطني من خلال تسهيل التنقل بين الوظائف والمناطق المختلفة، ما يُحسن توزيع القوى العاملة، ويرفع مستوى التنافسية الوطنية بصفة مستدامة. ففي ظل التحولات الاقتصادية الكبرى، تمثل هذه الزيادة ضرورة لضمان عدم إثقال كاهل المواطنين، بل تحسين جودة حياتهم بما يتماشى مع رؤية 2030 التي تُعطي الأولوية للمواطن بوصفه محور التنمية المستدامة.
** **
- مستشار التنمية المستدامة