خالد بن عبدالرحمن الذييب
ترتبك أحياناً عند أول مرة تلقي فيها محاضرة، تتلقفك الأعين بالسخرية، ستقف أمامهم وتقول (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا)، هذا الارتباك سيختلف مع كل تجربة أو امتحان جديد، ستتجاوز التجربة وتبقى أول مرة مجرد ذكريات.
دائماً هناك أول مرة، ستخطئ فيها وتقع، وقد تصبح أضحوكة ولكن لا يهم، فهي ليست إلا أول مرة وتنساها، وقد تصبح من رواد هذا المجال الذي أخطأت فيه أول مرة.
دائمًا هناك أول مرة، ستبدأ خطواتك فيها مثل الطفل الذي يحبو ثم يمشي خطوة، خطوتين، ثلاث، ويتعثر، ثم يحاول مرة أخرى ويتعثر، وتزيد الخطوات إلى عشرين وثلاثين وأربعين إلى أن يقوى عودك وتمشي وستنسى أول مرة.
دائمًا هناك أول مرة، تكون فيها الحياة شبة قاتمة، ولكن حتمًا ستشرق شمسها في لحظة لم تكن على البال ولا على الخاطر، فهذه الظلمة التي تعيشها الآن، ليست إلا بداية قصة نجاح إن تعاملت معها على أنها مجرد أول مرة.
دائماً هناك أول مرة، قد تأتي في لحظة مبكرة من العمر وقد تتأخر إلى أن يبدأ الشيب يغزو رأسك، لا تخجل فطالما هي أول مرة فليس ذنبك أنها تأخرت، فلا تتعامل معها بخبرتك في الحياة، بل تعامل معها بخبرتك في هذه التجربة تحديداً التي تمر عليك لأول مرة.
أول مرة ليست مجرد تجربة تخوضها وتفشل، فهي أعمق من ذلك بكثير، أول مرة هي نجاح ظاهر بلبوس الفشل، نجاح لا يشعر به إلا من يفتش في أعماق التجربة، فإن ارتقيت قمة الجبل وسقطت، لا تنظر إلى سقوطك ولكن انظر إلى فكرة الارتقاء، إن وقفت على مسرح لإلقاء محاضرة ولم تنجح لا تنظر إلى الفشل ولكن إلى قدرتك على صعود المسرح، قد تنشر كتاباً، مقالة، قصة، رواية، وتفشل فإذا نظرت إليها على أنها فشل فستؤول حياتك إلى الفشل، ولكن إن رأيتها من زاوية أنك خضت التجربة فهذا بحد ذاته نجاح، قيل لأحدهم: فشلت، فقال له صاحبه: حاول مرة أخرى، فأعاد التجربة وقال: فشلت، فقال له صاحبه: حاول مرة أخرى، فقال: فشلت، فقال له: حاول مرة أخرى، فقال بقرف: إلى متى؟ قيل له: إلى أن تنجح.
أخيرًا ...
لا تخجل من نفسك طالما هي أول مرة، ولا تسخر من غيرك فربما كانت بالنسبة له، «أول مرة».
ما بعد أخيرًا...
دائماً هناك أول مرة ستمر، وتتحول إلى ذكرى تضحك منها مستقبلاً.