عبد العزيز الهدلق
إعلان «الفيفا» فوز المملكة العربية السعودية بحق تنظيم كأس العالم 2034 يمثِّل مفخرة لكل سعودي، لعدة اعتبارات من أهمها أن التنظيم للمملكة منفردة دون مشاركة أي دولة أخرى، مثلما سيحدث في مونديالات 2026, 2030، وحدث سابقاً في 2002, والأكثر تميزاً أن الاستضافة السعودية ستكون بمشاركة (48) منتخباً عالمياً، فلأول مرة في تاريخ كأس العالم تستضيف دولة واحدة هذا العدد من المنتخبات. فقبل سنوات قليلة لم نكن نحلم بتنظيم كأس آسيا، وكان هذا الأمر مستبعداً تماماً عن الأذهان، وفقاً لمجريات الأمور في تلك السنوات، أما اليوم وفي عهد الرؤية فقد أصبحت المنجزات الرياضية تتحقق قبل أن تصبح أحلاماً، فقد كنا نحلم باستضافة كأس آسيا، فإذا بنا نستضيف كأس العالم!
واليوم نعيش في حالة ذهول جميل مما يحدث، فبعد سنوات طويلة كانت تجرى خلالها المباريات على ملعبين في العاصمة، وتنقل بعض المباريات خارج الرياض عند وجود صيانة لأحد الملعبين، أصبحنا اليوم نقترب من مشاهدة ستة إستادات هائلة التجهيز والتقنية والسعة في الرياض فقط، لا تقل سعة الأصغر منها عن (45) ألف متفرج، فيما تصل سعة أكبرها إلى (92) ألف متفرج. خلاف الإستادات الحديثة في جدة والدمام وأبها ونيوم. هذه الطفرة الكبيرة في الواقع الرياضي السعودي الذي نعيشه من الصعب تصورها في هذه الفترة الزمنية القصيرة. فالقطاع الرياضي في المملكة اليوم قفز قفزات للأمام بخطوات واسعة وهائلة، غير مسبوقة، وأصبحت المعايير السعودية في التطوير الرياضي معايير عالمية، سواء في المنشآت، أو التنافس، أو الإدارة، فالممارسة التقليدية السائدة والمعتادة أصبحت جزءاً من الماضي. ولم يعد مقبولاً في هذا العهد الزاهر ممارسة ما كان يحدث سابقاً.
إن ما يحدث حالياً من حراك رياضي يتجاوز حدود التصور، وأصبحت المنجزات تسبق التوقعات، وتسبق الأحلام. وليس هذا في القطاع الرياضي وحسب، بل في مختلف القطاعات والمجالات الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فجميعها تتطور جنباً إلى جنب، وكل متعامل أو متابع لهذه القطاعات والمجالات يشاهد التطور اليومي، ويلحظ أن تطور الأمس أصبح من الماضي، وكل يوم ندخل عهداً جديداً، وأن ما نحلم به في الغد قد أصبح واقعاً نعيشه اليوم.
وحسب البرنامج الزمني لتجهيز الملاعب والإستادات الرياضية الجديدة فستكون المملكة جاهزة لاستضافة كأس العالم قبل عامين من موعده الرسمي المحدد. ذلك أن وتيرة العمل، والتطور والإنجاز عالية السرعة، عالية المعايير، عالية الدقة، عالية الإشراف والمتابعة ومن أعلى سلطة، ويكفي للدلالة على ذلك صدور قرار سمو ولي العهد -حفظه الله- بإنشاء هيئة عليا لاستضافة كأس العالم، وتشكيل مجلس إدارة لها برئاسة سموه الكريم، وعضوية مجموعة مختارة من الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة من ذوي العلاقة. فهذا يجعل العمل لتحقيق المتطلبات التي تضمنها الملف السعودي الذي قدِّم لـ«الفيفا» وحصل على أعلى تقييم في تاريخ ملفات استضافة كأس العالم يسير وفق ما هو مخطط له، وتنفذ الوعود السعودية للعالم بدقة متناهية، وبنفس المعايير العالية إن لم يكن أفضل. وخلال العشر السنوات التي تفصلنا اليوم عن إقامة كأس العالم بالمملكة سوف تستجد على الساحة العالمية تطورات متعددة ومتنوعة في مختلف المجالات، وسيكون تنفيذ وعود الملف السعودي وفق مستجدات المستقبل، وليس ما هو قائم اليوم.
إن المملكة العربية السعودية من خلال استضافة كأس العالم تدخل في تحد كبير ليس مع العالم، بل مع الذات.
زوايا
** نثق في أن استعدادات المملكة لاستضافة كأس العالم 2034 ستكون بأعلى المعايير في مختلف المجالات، ويبقى هناك تحد كبير مرهون بعمل اتحاد الكرة، ويتمثَّل في إعداد المنتخب لهذه البطولة. فهل ستكون حالة المنتخب متطورة ومماثلة لبقية جوانب البطولة من ناحية الاستضافة والتنظيم؟!
** وفقاً لإحصاءات الحضور الجماهيري لمباريات كأس العالم في قطر 2022 فإن الحضور الجماهيري في كأس العالم 2034 بالمملكة سيكون كامل العدد في جميع المباريات، وجميع الملاعب.
** بعد عشر سنوات كم حكماً سعودياً سيكون مؤهلاً للمشاركة في كأس العالم 2034؟! هل وضعت لجنة الحكام برنامجاً واضحاً لذلك؟! إن عدد الحكام السعوديين في كأس العالم 2026 ثم 2030 سيكون مؤشراً حقيقياً لعدد الحكام المنتظر في كأس العالم 2034.