أ.د.صالح معيض الغامدي
الصور المدرجة في بعض السيرة الذاتية المكتوبة يمكن أن تقرأ وتفسر بطرق مختلفة، بعضها قد يتوافق مع ما أراد الكاتب أن يوصله للقارىء، من أبعاد إيجابية بطبيعة الحال. ومن هذه الإيجابيات أن الصور إذا ما أحسن توظيفها في السيرة الذاتية قد تكون بمثابة تمثيل بصري للأحداث والمواقع والشخصيات وغيرها، تجعل المتلقي أكثر تفاعلا مع قصة حياة المؤلف، كما يمكن للصور أن تضفي على السيرة الذاتية وأحداثها مصداقية أكبر، وتؤكد الأبعاد الواقعية في السيرة، ويمكن للصور كذلك أن تجعل القارىء أكثر تفهما وتعاطفا مع كاتبها ومع أحداث ووقائع سيرته التي أوردها مكتوبة. ومن الإيجابيات الأخرى لإدراج الصور في السيرة الذاتية أن الصور قد تختزن في بعض الأحيان بعض اللحظات المهمة في حياة كاتبها، وبالتالي تساعده على تذكر بعض أحداث حياته وتجاربه التي بدونها ربما كان مآلها الضياع والنسيان. وأخيرا يمكن للصور أن تبرز أحداث حياة الكاتب وتجاربه بصورة أكثر حميمية مما قد يجد في النص المكتوب وبالتالي تقرب القارىء من السيرة وكاتبها.
وإذا كنا قد أشرنا فيما سبق إلى بعض الجوانب الإيجابية لإدراج الصور في السيرة الذاتبة، فإننا في هذا الجزء الثاني من المقال سنورد بعض السلبيات المحتملة والمتوقعة من القيام بهذا العمل. فمن ذاك عل سبيل المثال أن القارىء قد يسيء فهم الصور وتفسيرها، وبالتالي يكون تلقيه لها مخالفا لما أراد الكاتب أو على الأقل مربكا له. وقد يقرأ القارىء هذه الصور بطريقة لا يرغبها الكاتب، وذلك عندما تظهر هذه الصور للقارىء بعض التناقضات بين ما هو مكتوب وما يظهر في هذه الصور، وتفسد بالتالي النص المكتوب الذي أريد لهذه الصور أن تقويه ابتداء. ومن السلبيات الأخرى أن الصور قد تتضمن الإشارة إلى أشخاص آخرين لا يرغبون في ظهور صورهم على الملأ أمام القراء، مما قد يسبب بعض الأضرار عليهم وعلى الكاتب نفسه أيضا، إذا ما أبدى هؤلاء الأشخاص احتجاجا شخصيا أو قانونيا. ويطول بنا المقام إذا ما رمنا سرد كل السلبيات المحتملة من إدراج الصور في السير الذاتية، ولكنا نختم هذا المقال بالتأكيد على ضرورة أن يراجع كاتب السيرة الذاتية الصور التي يرغب في إدراجها مراجعة دقيقة، ولا بأس من عرضها على بعض القراء قبل نشرها لقياس ردود أفعالهم تجاهها، ولأخذ موافقتهم إن كانوا حاضرين فيها. كما نود أن نؤكد على ضرورة الاقتصاد في إدراج الصور في السيرة الذاتية، واستعمالها في أضيق الحدود الممكنة وذلك لتقليل ورود مثل هذه السلبيات المحتملة.