رقية سليمان الهويريني
تعللت الحكومة السورية السابقة بحصارها لبلدات (مضايا وكفريا والفوعة) في ريف دمشق وبقية البلدات السورية بهدف فرض التجويع والقوة والتضييق على المسلحين فيها، بل إن الحكومة سابقا نفت وجود تجويع أصلاً، وأن الصور المنتشرة في وسائل الإعلام عن مجاعة مضايا الشهيرة لا تعدو عن كونها ملفقة وقد جُلبت من بلدان أخرى!
وبعد سقوط الرئيس السابق الأسد قطعت وسائل الإعلام المختلفة وبشهادة الأمم المتحدة الجدل والاستخفاف بعقول المشاهدين حول تلفيق الصور؛ حيث انتشرت مشاهد سجن صيدنايا وسراديبها وبداخلها سجناء من جميع الجنسيات وكافة الأعمار وقد عانوا من الظلم والجوع والإذلال بما يعني مصداقية الأخبار وشفافية الصور!
إن ممارسة النظام البائد سياسة التجويع والقهر والقسوة هي أدنى مراحل السياسة التي لا تقبلها الشرائع السماوية ولا الأخلاق السوية.
وما يؤلم أكثر مرور هذه الجرائم وتواليها في ظل صمت دولي مطبق، وما يزيد الألم غياب مبدأ المحاسبة لكل من ساهم في المأساة التي عاشها الشعب السوري على مدى ثلاثة عشر عاما!
وما يجب حاليا على القوى العظمى التي تدّعي مراعاة حقوق الإنسان هو التحرك الفوري لضمان تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن بمحاسبة كل من شارك في التعذيب والتجويع والتهجير، وإقرار السلام والحفاظ على لحمة الشعب السوري.
إن تخاذل الكتلتين أمريكا وروسيا اللتين لم تدينا أو تشجبا الوضع المأساوي ولم تبادرا بالمسارعة بالمساعدات الإنسانية إبان الحرب وحتى لم تدين سياسة رئيس مجرم يقتل شعبه ويهينه لأكثر من عقد من الزمن مما يشير لوجود مؤامرة كبرى ضد الشعب السوري وتفتيته ومحاولة إجهاض ثورته ضد الظلم، ولكن الله بالغ أمره.
وفي الوقت الذي نمارس حياتنا الطبيعية داخل بيوتنا وأطفالنا بيننا وننعم بالأمن والدفء والشبع بعناية الله ثم اهتمام بالغ من حكومتنا الرشيدة؛ كان الشعب السوري يواجه الخوف والبرد والجوع، وهو ما كان يشعرنا بالعجز والقصور والخيبة واليأس، فلا نملك إلا الإشفاق عليهم والدعاء لهم.
وما نرجوه الآن من الله أن يلطف بالشعب السوري كافة، وأن يُهيئ له قيادة حكيمة وحكومة رحيمة، وما نأمله من القوى الكبرى عدم التدخل بالشأن السوري أو عرقلة إنجاح الثورة الوطنية.