التكنولوجيا أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، تُسهِّل لنا العديد من الأمور، وتفتح آفاقًا جديدة للعلم والمعرفة. ومع ذلك، فإن تأثيرها على العقل البشري، يتسم بالتعقيد. التكنولوجيا يمكن أن تكون سلاحًا ذا حدين؛ فقد تساعد في تعزيز القدرات العقلية، لكنها في الوقت نفسه قد تسهم في تسريع التدهور العقلي عند سوء استخدامها.
ومع دخول التكنولوجيا لاعباً رئيساً في حياتنا رغبنا في ذلك أم لا، ونحن هنا أيضاً لا ننكر المزايا العديدة التي تدعم صحتنا العقلية ومنها تطبيقات تدريب الدماغ والتي تساعد على تحسين الذاكرة والتركيز. والأجهزة القابلة للارتداء التي تدعم الرعاية الصحية مثل الساعات الذكية تساعد في مراقبة الصحة العامة، بما في ذلك النوم، ضربات القلب، وحتى الأداء العقلي.
أنا لا أتكلم هنا عن الشيخوخة العمرية وإنما ذلك الضمور الذي يلحق بالعقل عبر عدم استخدامه بالطريقة التي فطرنا الله عليها وأقصد بذلك الاعتماد الكلي على التكنلوجيا الأمر الذي قلَّل من التحفيز العقلي التقليدي.
لقد حضرت لقاء مع الكاتب د. عادل الزهراني مؤلف كتاب متاهة الأزلي، وقد نُوقش فيه ما بعد الإنسانوية بوصفها اتجاهاً نقدياً، ومنظوراً فلسفياً متجاوزاً. وكيف أننا أصبحنا في عصر ما بعد الإنسان أي، إذ تبدو لي ما بعد الإنسانوية حتميةً تاريخية قبل أي شيء، إن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا قد يقلِّل من ممارسة الأنشطة العقلية التقليدية كحل الألغاز أو قراءة الكتب، مما يؤثر على الذاكرة والتركيز قد يؤدي إلى تراجع قدرة العقل على التذكر.
التكنولوجيا تمتلك إمكانات هائلة لدعم صحة العقل ، لكنها قد تتحول إلى عبء إذا أسيء استخدامها. المفتاح هو تحقيق توازن حكيم بين الاستفادة من التكنولوجيا والحفاظ على الأنشطة التقليدية التي تحفز العقل. من خلال الإدارة الواعية، يمكننا استخدام التكنولوجيا كوسيلة لتعزيز العقل البشري ومساعدته على مواجهة تحديات الزمن بمرونة وقوة استخدام التكنولوجيا كوسيلة للبقاء على اتصال، ولكن دون أن تكون بديلاً عن اللقاءات الواقعية، ونحن هنا نستطيع أن نعيد عقولنا إلى شبابها فقط لو اخترنا استخدامه بصورة صحيحة عبر التفكر، والتذكر، والوعي).
** **
- ريم منصور سلطان