أ.د.عثمان بن صالح العامر
الحدث الأعظم مطلع هذا الأسبوع، والحديث العالمي الأكثر حضوراً على الساحتين العربية والعالمية مع قرب نهاية عام ميلادي 2024 ودخول آخر 2025 هو نهاية (حكم الأسد) وبداية عهد جديد في أرض سوريا الحبيبة، بعد أن دام هذا الطاغية (بشار حافظ علي الأسد) على العرش أكثر من أربع عشرة سنة، حيث أصبح رئيساً للجمهورية العربية السورية - خلفًا لوالده حافظ الأسد، الذي كان رئيسًا لسوريا من 1971 إلى 2000، بعد أن انتخبه الفرع السوري لحزب البعث العربي الاشتراكي أمينًا قُطريًا عامًّا له - في يوليو 2000، واستمر على كرسي الرئاسة حتى تمت الإطاحة به في 8 ديسمبر 2024 . كان دموياً جباراً طوال فترة رئاسته خاصة في الأربع عشرة سنة الأخيرة، حيث القتل والتشريد، السجون والتعذيب، فضلاً عن الفساد والدمار الذي أهلك الحرث والنسل وغطى سماء أرض الشام.
قصص يشيب من هولها الشاب، وتجعل الحليم حيرانا، تلك التي نقلت لنا طرفاً منها وسائل الإعلام المختلفة إبان الأيام القليلة الماضية جراء إخراج المعتقلين من أتون السجون، وعودة عدد من الهاربين المهجرين قسراً لشرق الدنيا وغربها من أجل البقاء على قيد الحياة، وما خفي أعظم.
لقد كانت وقفات بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية مع الشعب السوري طوال أيام محنته التي لم تكن وليدة عهد بشار بل سبقه إليها والده حافظ شاهداً تاريخياً على عروبة موطني وإسلاميته وإنسانيته، وحرصه على أن يسود الأمن، وتستقر المنطقة ويعيش الشعب العربي والإسلامي عامة بسلام.
لقد كان البعثيون وما زالوا يتهموننا بالرجعية، ويصموننا بالتخلف، وينعتوننا بالوهابية، وهم التقدميون الذين سينهضون ببلادهم، ويحققون أحلام الشعب العربي بأسره من خلال شعارهم الثلاثي (الحرية، والاشتراكية والوحدة)، ويحررون فلسطين الحبيبة من أيدي اليهود الغاصبين.
القارئ في تاريخ حزب البعث عموماً (السوري منه والعراقي)، والمطّلع على أدبيات القيادات القطرية للحزب بشقيه (الدمشقي والبغدادي) يدرك أن ما كان يُكتب من مقالات ومدونات، وما ترفع به الأصوات من خطب ومهرجانات، مجرد شعارات فارغة وكلمات حماسية خاوية تدغدغ بها مشاعر الإنسان العربي للأسف الشديد (تسمع جعجعةً ولا ترى طحناً).
لقد أكد قادتنا - حفظهم الله - في البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية عشية الأحد الماضي وقوف المملكة العربية السعودية إلى جانب الشعب السوري، ودعمها لكل ما من شأنه تحقيق أمن سوريا الشقيقة واستقرارها بما يصون سيادتها واستقلالها ووحدة أرضها. ليس هذا فحسب بل دعت العالم أجمع للوقوف مع هذا الشعب الصامد الصابر في سعيه لتحقيق استقرار بلاده بعيداً عن التدخل في شؤونه الداخلية كما كان الحال من قبل، حيث عاثت في هذا البلد العربي الميلشيات الأجنبية الدخيلة سعياً منها لفرض أجندات خارجية على شعب هو اليوم يتنفس الحرية ويتطلع للحياة الكريمة، ويتوق لمستقبل زاهر يسوده الأمن والاستقرار والرخاء، ليعود إلى حضنه العربي والإسلامي بسلام بعد أن اُختطف ردحاً من الزمن ليس بالقليل كانت نتيجته مئات الألوف من الضحايا الأبرياء، والملايين من النازحين والمهجرين والمسجونين.
إن ما رأيناه من مشاهد الفرح بعودة الوطن السوري لشعبه يذكرنا بالنعم العظيمة التي نرفل فيها في بلد العز والافتخار، وطن الأمن والأمان، أرض التطور والبناء والازدهار، المملكة العربية السعودية، في ظل قيادة حكيمة عازمة حازمة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين رئيس مجلس الوزراء، وحق لنا أن نفخر بهذا الوطن الذي سجل مواقف مشرفة إزاء الأمتين العربية والإسلامية ومازال، حتى أنه يتنازل عن شيء من مصالحه الخاصة من أجل الدفاع والذود والمنافحة عن قضية بلد عربي وشعب مسلوب الإرادة مهضوم الحقوق.
دمت عزيزاً يا وطني ودامت سوريا الشقيقة حرة أبية وإلى لقاء والسلام.