نجلاء العتيبي
مرَّت أمامي تغريدةٌ أثارت إعجابي بصدق مشاعرها: «أنا أعيشُ في دولة أخرى، لكني والله أُحبُّ أن أعيش في السعودية». كلماتها تحمل دفئًا خاصًّا، يُعبِّر عن حب حقيقي لوطنٍ يُلهم الحنين، ويدفع إلى استعادة الذكريات الجميلة.
هذه الجملة لم تكن مجرد تعبير عادي، بل انعكاس لعاطفة راسخة، تُعبِّر عن ارتباط عميق بمكان يحمل قيمة لا يمكن أن يُعوِّضها شيء.
كاتب التغريدة الذي عاد إلى بلاده بعد غياب، وصف مشاعره بسعادة تنبضُ بالفخر والسكينة، فلقاء الأرض كان بالنسبة له احتفاءً برابط قوي، علاقة متأصِّلة لا تخضع للزمن أو المسافات، العودة لم تكن مجرد خطوة عابرة، بل تجربة غنية تُعيد للروح شعورها بالاستقرار.
السعودية تُميِّز نفسها عن غيرها بكونها أكثر من وطنٍ يعيش الناس على أرضه؛ إنها حالة شعورية تمنح أبناءها، وحتى المغتربين عنها إحساسًا فريدًا بالأمان. مَن لم يُكتَب له أن يُولَد فوق ترابها، يجد نفسه حين يزورها وكأنه عاد إلى حضنٍ كان يفتقده، هوية هذا المكان تترسَّخ في الأعماق، نابضة بروح تعكس التاريخ والثقافة بامتزاج متناغم.
ما يجعل هذه الأرض فريدةً هو احتضانها للجميع، بكَرَمها وأصالتها الممتزجين برؤية طموحة نحو المستقبل، فالزائر يشعر فيها بملامح مميزة لا تتكرَّر، حيث تنصهر العراقة مع الحداثة، فتولد تجربة تجمع بين الراحة والإلهام، لحظات العبور إلى هذه الأجواء ليست مجرد وقت يمضي، بل حدث يوقظ المشاعر، ويعيد ترتيبها في انسجام تام.
العودة للوطن تُمثِّل محطة فارقة، تُحيي جذورًا نابضة، وتُطلق موجة من الذكريات الحية، حين تخطو على أرضه، يتقلص العالم كله أمام عظمة اللحظة، ويتحوَّل كل ما يحيط بك إلى شعور دفين بالسكينة، فالمسافات مهما طالت، تبقى عاجزة عن قطع الوصال الذي يجمع الروح بالمكان.
السعودية تُبرز نفسها كرمز للهوية الحية، التي تمتزج فيها قيم الوفاء مع طموحات التقدُّم، هي مساحة تنبض بالمجد والأمل، تربط الماضي بالحاضر، وتبني جسورًا نحو الغد، هنا تبدأ الأحلام، وهنا يعود القلب دائمًا، محمَّلًا بحب لا يعرف التبدُّل أو الزوال.
ضوء
«وفي كل عينٍ أنت كونٌ معظَّمٌ
فيا عجبًا كيف احتوتك الخرائطُ».
عبدالله بن سليم الرشيد