عبده الأسمري
منذ عامين وأكثر وأثناء مروري بمشاريع قطاع الرياض «المترو»، تولد في ذهني «مشروع» رواية عميقة من أرض «عاصمة» الاعتزاز وموطن القرار.. يكون أبطالها متساوين في المشاهد ومختلفين وسط الشواهد، بعد أن نصبت شراع «أفكاري» على أرض نجد العذية وتاريخها الحافل.
ولأني مفتون بوطني ومسكون بالأدب فقد قرأت «المشهد» بشكل ثقافي من خلال حدس أدبي قررت أن أكتبه بلون «التحليل»، وأصفه بيقين «التفصيل»، وظللت أتأمل الانطلاق من عمق «الانتظار» إلى أفق «الاقتدار» للظفر بغنائم «الأفكار» وتوظيفها في خدمة الإنتاج.
بدأت نسج خيوط «الرواية» وكنت في انتظار مشفوع بقراءة الوجوه واستقراء السلوك عند انطلاق المشروع الذي سأمضي في معايشته وقتاً طويلاً موزعاً على فترات مختلفة، لرصد الإنسان والمكان وتلك «التفاصيل» الصغيرة التي أرى أنها المكامن الحقيقية لصناعة رواية منفردة.
يساعدني تخصصي الدقيق في علم النفس على رأب صدوع «الحيرة» التي تتجلى في سحنات العابرين على عتبات «الترحال»، مع تسخير الإمكانيات الأدبية في خدمة الفصول التي ستتوالى عبر أزمنة متباينة، يشكِّل فيها الإنسان محور «ارتكاز» لشخصيات ستحضر في رداء فضفاض من الأثر خلال كل أحداث الرواية.
مترو الرياض ليس مجرد مشروع جبار فحسب، بل تجاوز ذلك ليكون «كياناً» تنموياً يجمع الناس ويرسم ملامح التعايش، ويسخِّر طرائق العيش ويصنع ملامح متجددة في علاقة الإنسان بالابتكار وفي ارتباط البشر بالنقل وفي امتزاج «الثقافات» في تجمع «عابر»، وفق مصلحة مشتركة في العناوين ومختلفة في التفاصيل.
كثيرة تلك «المعاني» التي وضعتها في أفق «الحسبان» ومتعددة تلك «المسالك» التي رسختها في قالب «الإنسان».. رتبتها مواعيدها بإتقان على «أسوار» التأليف وسخرتها بإمعان في أغوار التوصيف، لأخرج منها بمنظومة أدبية تعكس الجوانب المقروءة في وجوه القادمين على أجنحة «التنقل»، وتصف الأبعاد المروية في قصص العابرين على عتبات «الترحال».
روايتي ستكون عن التطور وعلاقة الأشياء بالاستقصاء، وارتباط التساؤلات بالدهشة وترابط الهدف مع الممكن، وتواؤم السلوك مع التغير. وسأسلط الضوء الروائي من زاوية حادة على العناوين المعروفة ومن زوايا منفرجة على «قصص» محفوظة في صدور «الركاب» وحكايات معلنة أمام ركب السائرين، ومرويات تتنظر انتزاعها من «جوف» الصمت.
الرواية ستبدأ منذ ذلك اليوم الأول الذي انطلقت فيه فكرة إنشاء «المترو» في الرياض وفق استراتيجية تنموية وبعد نظر ثاقب ومنهج تاريخي من الملك سلمان - حفظه الله - عندما كان أميراً للرياض، حيث تبنى فكرة هذا المشروع الجبار ليقرأ التطور والابتكار والاحتياج استباقياً قبل أكثر من عقد ونصف، وجاء مساء يوم 27 نوفمبر للعام 2024 لينطلق المشروع على أرض الواقع، مجللاً بالأمنيات ومكللاً بالدعوات لتكون هذه الخطوة «المحور الرئيس» والعنوان البارز والجواب الكافي.
قطار الرياض «المترو» ليس مجرد وسيلة نقل فحسب ولكنه وجهٌ للتنمية المستدامة، وانفراد عالمي ينعكس على تفكير الإنسان وتدبير أعماله وترتيب وقته، والارتباط مع الأماكن والأزمنة بلغة «التأمل» التي ستفتح له «أبواب» العيش بعناوين مختلفة، تمنح «الاعتزاز» وتعزز «التطوير» وتصنع «البهجة» وتمنح «التفاؤل» وتصادر «الانتظار».
ستقوم الرواية على مزيج مبهر واندماج محكم ما بين التاريخ والجغرافيا، وسيأتي الإنسان في ملامح متعددة وتفاصيل متمددة قائمة على عنصري «التشويق والتطبيق»، مع محاكاة سيكولوجية لعناصر مختلفة من الوقت والعمل والترفيه والتعارف واللقاء والوداع.
ستتشكل شخصيات الرواية من عمق «المجتمع»، وستؤدي أدوارها في الفصول من واقع «الحياة»، وستدور في قصص طويلة انطلقت من مرسى «الزمن» واستقرت أمام بوابة «الحقائق».
سيغيب الخيال كثيراً وسيأتي في «قوالب» مختصرة بحكم «التجاذب» ما بين البصائر والمصائر، وستحضر «الكفاءة» الإبداعية لتفرض وجودها أمام «الحبكة» التي ستكون مزيجاً من التوقع والواقع.
روايتي القادمة عن «مترو الرياض» بدأت ناضجة ومكتملة؛ لأنها تتحدث عن وطن عظيم ومشروع عالمي وفكر فريد سابق «الزمن» وحقق الانفراد؛ ليغير «قوائم» الماضي ويبدل «أرقام» الحاضر ويملأ رصيد المستقبل.. في «نهضة» ترسم دهرين من «التعايش» أحدهما للفرح والآخر للتحول.