مشعل الصخيبر
كلمة الفضول أو فلان إنسان فضولي هي صفة غير مرغوبة بين أوساط المجتمعات الأكثر تحضراً ورقياً إذا وضعت في غير مكانها الصحيح، وكذلك غير محببة لدى عامة الناس ومن هي سمته ويمارسها بين الناس، وتكون له عادة وطبيعة وهواية يكون أقل الناس شعبوية، وقد ينفر من الناس خاصة المقربين له لأنه الإنسان الذي دائماً يحاول معرفة أسرار الناس وخبايا البيوت ومعرفة ما يدور بداخلها وفتح الأبواب المغلقة دون الحاجة لها ويتسم الفضولي بكثير الاستفسارات والتساؤلات عن أشياء لا تعود عليه بالنفع والفائدة أو الاستفادة منها، ولكنه من باب الفضول، فكل إنسان في هذه الحياة الدنيا له عالمه وخصوصيته التي يرفض أن يقترب منها أي أحد، حتى ربما أقرب الناس لها من المحيطين به ولا يقبل أن يكون كتاباً مفتوحاً للجميع بلا خصوصية. ولكن عندما تكون كلمة الفضول أو الفضولي في سياقها الصحيح الذي يعود بالنفع والفائدة على الإنسان الفضولي، سواء فضوله في الجانب المعرفي والثقافي فإنها تكون صفة محمودة على النقيض من سابقتها التي ذكرتها في أول المقال؛ فالفضول على معرفة كل ما هو جديد في عالم الكتب وحضور الملتقيات والمنتديات الثقافية للمهتمين بالجانب الثقافي، وزيادة محصولهم المعرفي من خلال تلك المنتديات الثقافية ومد الجسور مع كبار المثقفين والتواصل معهم لا تعتبر فضولا في معناها العام مجالسة رجال الاقتصاد في مجالاتهم وتخصصاتهم المختلفة ورجال الأعمال المستثمرين استثمارات متنوعة سواء في مجال الأسهم أو السلع والمنتجات الغذائية أو قطع غيار السيارات، وكذلك المهتمين والمستثمرين في مجال النخيل والزراعة والصناعة والاستيراد لمن لديهم مشاريع اقتصادية صغيرة ومحاولة تطويرها، وتوسيع نطاقها وزيادة إنتاجها ودخلها ومدخراتها والاستفادة من أصحاب الشأن فإن ذلك لا يعتبر فضولاً؛ فهو من الفضول المحمود الذي يعود بالنفع والفائدة على صاحبة، فهناك خلط بين الفضول الذي يتجاوز حدود العلاقات الشخصية العابرة وغيرها والتسلق والتسلل إلى معرفة أشياء وخبايا لا يرغب الإنسان إبداءها أو إظهارها للناس كسؤال الإنسان عن وظيفته ومرتبه الشهري أو عدد أفراد أسرته أو استثماراته وخططه المستقبلية وجميع ما يخص الإنسان، وهذا يشمل الجنسين؛ فصفة الفضول لا ترتبط بالرجل فقط فهناك نساء فضوليات كذلك، العلاقات الشخصية لها حدود ولها ضوابط يجب الالتزام بها وتقديرها واحترامها وعدم القفز وتجاوز أوار الخصوصية، ولكن عندما يكون فضولك في حدود معرفة ما تستفيد منه ثقافياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً وكذلك دينياً لمعرفة ما قد يشكل عليك في المسائل الشرعية والفقهية فالسؤال ومحاولة معرفة الإجابة فهو ليس فضولاً فهو من باب المعرفة، فيجب التفريق بين الفضول المحمود والفضول بمعناه السائد الذي يعد من يمارسه من الأشخاص الذين يحذرون منهم الناس ولا يرغبون فتح الحوارات والنقاشات معهم لأن فضولهم عن أشياء لا تعنيهم جعلنا الله وإياكم من فضوليين العلم والمعرفة والثقافة وكل ما يعود علينا بالنفع والفائدة مقدرين ومحترمين كل علاقة تربطنا بالآخرين يسودها الحب والألفة والمودة في إطار تعالم ديننا الإسلامي الحنيف وقيم وأخلاق مجتمعنا السعودي النبيل.