د.عبدالرحيم محمود جاموس
هذهِ الأرضُ تُشبهنيِ...
لا تُشبُهكْ...
هذهِ الأرضُ تُنادينيِ...
تحدثني صباحَ مساء..
هذه الأرض تَرفُضك...
* * *
هي تعلن وتَعلمْ...
أنك طارئٌ غريب قد طرأتَ عليها...
ثقيلُ الظِل...
تُقبحُ وجهَها الجَميل...
تَسرِقُ منها السَلامَ والأحلامْ...
تُصادرُ فرحتها وجَمالها الأخَاذْ...
تَسجنُهاَ تَسرقُها تَغتصبها...
لَكنهَا لن ترضخَ أو تسلمَ لَك..
فهيَ لا تُشبِهَك...
ولا تقبلك..
* * *
ترفض الانصياعَ لرغباتكَ...
وإلى حفرياتِكَ..
وتَزويركَ...
هي تَفضحكَ...
صباحَ مساء...
تطلبُ منك الرَحيل...
إلى حيثُ كُنتَ...
إلى حيثُ جِئت..
إلى حيثُ تشاءُ...
غيرُ آسفة عليك..
* * *
لا بقاءَ فيها لغازٍ أو غاصبٍ محتل..
لا بقاءَ فيها لخائر...
لا بقاء فيها لَك....
خُذْ جُثتكَ من ترابها..
خذ بقاياكَ من هوائها..
وارحلْ إلى حيثُ ألقت...
* * *
سَتنفجرُ الأرضُ في وجهكَ..
غَضباً...
لَهباً...
يحرقُ قَدَميكْ...
لن تمنحكَ سلامها المخطوفِ...
ولا أَمنها المُصادرِ...
* * *
هي السلامُ والأمنُ والإسلامُ...
أضحت معكَ بلاَ أمنٍ وسلام...
حينَ وطأتها قَدماك..
النجستان...
الملطخَتانِ بعارِ العُنصريةِ...
الغارقتانِ بدمِ الضحيةِ...
* * *
هذهِ الأَرضُ هيَ ليِ أنا...
جَوْفُها وسطحها وَسَماؤُها...
هَلْ تَفهمْ...
لقد آن لكَ أن تفهم..
* * *
سَيُفهمُكَ جيلُ الحجارةِ..
جيلُ السكاكينِ...
جيلُ التمردِ..
جيلُ الثورةِ..
جيل اَلغَضبِ..
أن هذهِ الأرضُ..
عصية عليك...
هي لَيستْ لَكْ...
آنَ لكَ أن تَفهمْ...
* * *
آنَ لكَ أن تصحو...
من نوبة الحُمقِ...
وسكرةِ العنفِ...
وشهوة القتلِ والدمار..
ورحلةَ الدمِ النازفِ...
تَكشفُ لنا السِرَّ المُخَبأ..
في زوايا المسجدِ والكنيسةِ...
* * *
هنا مهدُ المسيحِ...
كنتَ أنتَ صالِبُهْ...
هنا مسرىَ محمدٍ يصيحُ...
أنتَ اليومَ سارِقه....
هنا الإيمانُ...
هنا السلامُ والإنسانُ...
هنا التقاةُ والزهادُ...
هنا الأخيارُ...
* * *
أما أنتَ عابرٌ...
كما عبرَّ الغزاة...
غابرٌ كما غَبروا...
مستخدمٌ مؤقتٌ...
زائلٌ كأيِ زائلِ...
تماماً مثلَ الزكامِ...
في فصلِ الصيفِ...
* * *
الأرضُ...
ما زالت تصرخُ في وجهكَ..
تعلن حقيقتها...
تكشفُ عن هويتها...
* * *
هَويتي هويتها...
وَجهُها وَجهيِ...
أما أنتَ...
فلا هويةَ لك..
ولا وجهَ لَك..
لا الأرضُ تُشبِهَكْ...
ولا شَبيهَ لَكْ..
سوى وجهُ سارقٍ محتلٍ غاصب..
عتلٍ أثيم زنيم..
آجلاً أم عاجلاً..
لن يكونَ إلا الهلاكَ لَك..
فهل تفهم..؟!