سطام بن عبدالله آل سعد
1.033مليار ريال للدعم المباشر، و503 ملايين ريال لتطوير الألعاب المختلفة، و128 مليون ريال لتعزيز الحضور الجماهيري. أرقامٌ أعلنتها وزارة الرياضة السعودية ضمن تفاصيل استراتيجية دعم الأندية الرياضية لموسم 2024-2025، والتي تقوم على خمس مبادرات أساسية، هي: الحوكمة، والألعاب المختلفة، والدعم المباشر، والحضور الجماهيري، والتحول الرقمي.
هذه المبادرات ليست مجرد برامج تقليدية، بل هي خارطة طريق تُعيد تشكيل الرياضة السعودية، فتحولها من منافسة إلى منظومة صناعية اقتصادية واجتماعية شاملة ومستدامة.
من المتوقع أن تشهد الأندية تحولًا كبيرًا إلى كيانات اقتصادية مستقلة إذا تم تطبيق استراتيجية تحويلها، مما سيُمكّنها من تنويع مصادر دخلها عبر الشراكات، والاستثمار في المنشآت الرياضية، وتطوير علاماتها التجارية. كما ينتظر أن تُساهم ميزانية الألعاب المختلفة في رفع مشاركة السعودية عالميًا في رياضات لم تكن تُمنح الأولوية سابقًا، مثل ألعاب القوى، بالإضافة إلى خلق فرص عمل وتنشيط الصناعات المرتبطة بذلك القطاع.
ويُرجح أن يُحدث التحول الرقمي نقلة نوعية في العلاقة بين الأندية وجماهيرها عند الاستفادة من تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، حيث سيسهم ذلك في زيادة الإيرادات وجذب الاستثمارات التقنية.
ومع ذلك، قد تبرز تحديات مثل التكلفة العالية للبنية التحتية التقنية ومقاومة التغيير الناتجة عن نقص المهارات والوعي لدى بعض الأندية. لكن، في حال تم التركيز على استثمارات طويلة الأمد في تطوير الكوادر البشرية، فمن المحتمل أن يكون ذلك الضمان الأساسي لنجاح هذا التحول.
يمتد تأثير الحضور الجماهيري في الرياضة السعودية ليشمل أبعادًا إنسانية واقتصادية عند استثماره بفعالية. إنسانيًا، يعزز الجمهور الهوية الوطنية ويوحد المجتمع حول قيم مشتركة، حيث تصبح المدرجات فضاءً للتفاعل الثقافي والاجتماعي. واقتصاديًا، يدعم الجمهور الصناعات المرتبطة بالرياضة، من التذاكر والبث الإعلامي إلى التكنولوجيا الرقمية.
ومع توجيه دعم بقيمة 128 مليون ريال بشكل صحيح، يمكن للجمهور أن يتحول إلى عنصر استراتيجي يربط بين القيم الثقافية والعوائد الاقتصادية، ليجعل الرياضة منصة متكاملة تجمع بين الإنسان والتنمية الاقتصادية.
ولا يمكن تحقيق أي من المبادرات دون الحوكمة، فهي المحرك الرئيس لاستدامة التحول الرياضي في السعودية. فمن خلال إطار تنظيمي متين يعزز الشفافية والكفاءة والمساءلة، تضمن الحوكمة توجيه الموارد بكفاءة لتحقيق الاستقلالية الاقتصادية المستدامة. وبسياسات واضحة لإدارة المخاطر والتخطيط الاستراتيجي، تصبح الحوكمة العامل الحاسم في ضبط المصروفات والعوائد، الأمر الذي يبني الثقة مع المستثمرين ويحوّل الأندية إلى مراكز جذب استثماري، وبيئة رياضية تنافسية تلبي تطلعات السوق.
أخيرا، هل تستطيع المبادرات الخمس أن تصنع الرياضة السعودية بمفهومها الجديد؟ يبقى هذا السؤال معلقًا بانتظار ما ستقدمه هذه المبادرات من تأثير حقيقي وعملي يحدد ما إذا كانت قادرة على تحقيق مستقبل رياضي مستدام يعكس طموحات رؤية المملكة.