سارا القرني
بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وتولي الرئيس دونالد ترامب الشهر القادم منصبه مرة أخرى، من المتوقع أن تشهد الساحة السياسية الأمريكية تغييرات ملحوظة، ففي ظل التحركات الأخيرة للرئيس بايدن قبل أن يترك كرسيّ الرئاسة، خصوصًا في سياق السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة بعيدة المدى ضد روسيا، سيكون هناك تحول في استراتيجية الولايات المتحدة تجاه الأزمات الدولية، هذا التحول ربما يؤثر على سياسة ترامب بشكل كبير، حيث يسعى إلى إعادة صياغة العلاقات الدولية بطريقة تدعم استقرار المنطقة والعالم.
وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي العالمي.. فإن الأزمات التي يشهدها لبنان، بما في ذلك تصفية حزب الله، قد تكون لها تداعيات على السياسة الأمريكية، إذ يُعتبر حزب الله لاعبًا رئيسيًا في المعادلة الإقليمية الأمريكية، وتصفية نفوذه قد يفتح المجال أمام قوى جديدة للتأثير على الاستقرار في الشرق الأوسط، ومن المتوقع أن يسعى ترامب إلى استغلال هذه الفرصة لإعادة تشكيل السياسات الأمريكية في المنطقة، مع التركيز على تعزيز الأمن والاستقرار حسب ما أدلى به في حملته الانتخابية بأنه يسعى إلى شرق أوسط أكثر استقراراً، لكنّ الفراغ الذي ستشهده المنطقة بعد خروج عدد من المليشيات والحركات السياسية من دائرة المعادلة، ربما يكون مؤشراً لصعود جبهات أخرى كما حدث في سوريا، الأمر الذي سيعيد تشكيل الحلفاء وإمالة الكفة لجهة دون أخرى بين روسيا وأمريكا!
وتحت قيادة ترامب، قد نشهد تحركات دبلوماسية جديدة تهدف إلى تحقيق توازن بين القوى المتنافسة في الشرق الأوسط، وأقول قد.. لأن تعاونه مع حلفاء مثل المملكة العربية السعودية التي ترمي بثقلها الدائم نحو تحقيق استقرار أمني في المنطقة برمتها كما هو الحال دائماً، مما قد يؤدي إلى تشكيل تحالفات جديدة تستهدف مواجهة التحديات التي تؤججها الميليشيات المسلحة في بعض الدول وحلفاؤها، هذه الديناميكيات يمكن أن تؤدي إلى تقليل التوترات وتعزيز الاستقرار.
كما أن ترامب قد يتبنى سياسة اقتصادية أكثر مرونة، تركز على دعم الشركات الأمريكية وتعزيز الاستثمارات في الخارج، هذا التوجه سيزيد من قدرة الولايات المتحدة على التأثير في الاقتصادات النامية، مما سيساعد في بناء علاقات تجارية قوية، ومن المحتمل أن يساهم هذا في إضافة استقرار اقتصادي أكبر، حيث يمكن أن يؤدي تحسين الوضع الاقتصادي إلى تقليل التوترات السياسية.
في الوقت نفسه، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار تأثير التحديات الداخلية التي قد يواجهها ترامب، فالانقسامات السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة قد تؤثر على قدرة إدارته على تنفيذ استراتيجياتها بشكل فعال، وتعزيز الوحدة الداخلية الأمريكية سيكون أمرًا حيويًا لنجاح أي سياسة خارجية تهدف إلى تحقيق الاستقرار.
ويمكن القول بأن السياسة الأمريكية بعد انتخاب ترامب ستعتمد بشكل كبير على كيفية تفاعله مع الأحداث العالمية والمحلية، وإنّ التحركات الأخيرة لبايدن ستشكل خلفية مهمة للسياسات القادمة، بينما ستلعب الأوضاع الاقتصادية والسياسية في الشرق الأوسط دورًا رئيسيًا في توجيه القرارات المستقبلية، وبالتأكيد سيكون التركيز على الاستقرار وتعزيز العلاقات مع الحلفاء هو من أهم أولويات إدارة ترامب في هذه المرحلة.