عبدالمحسن بن علي المطلق
من عجيب عصرنا، هو(زخم) ما يقدّمه من معلومات تجعلك تحتار، فكلما تأتيك معلومة تظنها مكانها الأولى من كل شيء، ثم ما تلبث إلا وتأتيك أخرى.. وهكذا- دواليك-، فتتذكر خراش» يوم احتار فيما يختار، فما يدري (لكثرة الظباء) ما يصيدُ؟..
وبالفعل لم نعد نعرف ما بين ما هو أولى للحفظ، وبين الذي لا بدّ من حِفظه.. إلخ فما يأتي الفرز، أو التخصص، أو ما يتفق مع المطالب، لأن كل معلومة هي (مهمة) في موضعها.. فحسب، وإلا تتذكر ما قيل عن أشياء هي على غير أهلها ما تجيب رأس مالها، أوه ه.. أعني قدر جهد حفظك لها، وتلكم قاصمة ظهر حماسك لها، هنا عساي أُقرّب للافتكاك من هذه الحيرة، وكذا صعوبة الفرز، إذ ليس من التربية النهي عن أمر ولا تقدّم البديل أو الحل - له - فمن خلال مقولة (من اشترى ما لا يحتاج باع ما يحتاج) وهي زيادة ايضاح أن لا تذهب للسوق للتمشّي.. فهذه أحد سلبيات التسوّق!، ألا فدع ذهابك لداعٍ حتى لا ألفى ما تلحّ عليك نفسك ومشاهيها لابتضاع ما ليس له ضرورةً، والا فقد يأخذك (عمه) الشراء ما قد(تقتني) ما لا تحتاج، بالذات فواضل تظن أنك بحاجتها، والدليل على هذا الظن أنك لم تفكّر بها من قبلُ..
وهذه الطريقة هي التي تساعدك على الاحتفاظ بهذه المعلومة دون غيرها، ولو كانت غيرها أكثر انبهارا في خلدك، أعني إن كانت أي عليك بما هي من ضمن نطاق اهتماماتك او(تخصصك)، أو تكن بين الدواعي التي تتردد بذهنك، ما تحتاجه كشاهد، فإن من مثل هذه فحيا وهلا، وإلا فلا تزد من مخزون معلوماتك فيأخذ ما لا تحتاجه حيّز ما تحتاجه.. من بين زحام جمعك!
واعلم أن العلم - الذي في حوزة ما تجمع به المعلومات - صغير أمام زخم ما يصلك منها، ولهذا سبق أوائلنا فقالوا (العلم كثير..) وما حازه أحد، بل الإمام أحمد قارب لهذا الجمع (من المحبرة للمقبرة)، فليس بينهما فاصل سوى من أوتي جلدا في تقصّي ما جمع قبل أن يستزيد، وهذه الأخيرة من استزاد بلا من مضى إثرها، مؤمما سبيلها، ونفسه وما تريد، فهو يثقل الحمل ويضيّق على قُرائه، حتى لا تجد عنده انتاجية، والخوف كل الخوف أن يوافق مسلكه حديث (المنبت.. لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى) وأزيدكم شاهدا على ما ابتغـيت سبيل تقريبه، أننا غالبنا حتى لا أُبالغ كم منّا فرح بمعلومة، ثم تلفاه وبأقرب ضم لفيف الأحبة أو بين نادي قومه وبلا مناسبة تستدعيها ليوردها، طبعا قد يبدي تعجبا حتى لا يختلس ممن حوله نظرات تكاد تنطق بـ(ما الذي دعاك.. أو ما مناسبة ما قلت به)؟ او ذاك الذي ما إن بلغته معلومة ما.. إلا وطن (لضحالة مكنوزه) أنها فتح علمي، فيما بعض من يستمع لها ربما عرفها قبل ان يُفطم، وهنا ولاشك أساء - لنفسه- من حيث ظنّ أنه أحسن!
وفريق ممن تصله معلومة ما، فيتوقع أنها آخر ما توصّل العلم حيالها، من ناحية مدلولها وما تصبّ فيه، بينما هي (ربما) نُسخة تم لها استحداث أو أكثر عدا معلومة تجد العلم جرّدها من صدقها والقوم يا قوم.. بين هذه المعلومات تجدهم أُمما، فبعضهم بالأصل لا يحفل.. مهما بلغت بخلده تلك المعلومة من مقام، وآخر يلتقط من هنا وهناك ظانا أن هذه هي (الثقافة العامة)، أو السبيل الوحيد لتحصيلها، فيما تقع على نوعيةً تأخذ المعلومة مأخذ ريبة، فهي حتى الحقيقة أو ما خّلص إليه أهل التخصص التحقق من صدقها، إلا هو المُتردد في قبولها!
ويقابل هذا نوع آخر على النقيض، فهو لا يسلّم بما يصله فقط، بل أحيانا يحاجّ عنه بطريقة لو تعمّقت بمنحاه وجدت العوار قابعا بمدى استيعابه، وهكذا..
فالناس.. أنواع منوّعة، إن في طرائق استقبالهم للمعلومة، أومسالك ما يشتقّون من اتجهاتٍ إليها، وهم مهما وعّيتهم سادرون، وفي غي بعض القناعات التي أكل عليها ادوات العصر وشرب.. يمضون لكن العجب العُجاب من بين (كل من تقدم) حين يمسي بعضهم وقد جمع معلومات حول موضوع ما، فيقوم على رؤوس الجمع ليتحدث عنه، وكأنه من ثقته بنفسه واعتدادا بما بلغ لا يجد مصرفا مهما أشرت له أو نبّهت فتحا!
ويزداد بك العجب حين تجد بالمقابل.. من لا يأبه بما يُقدم له من علم وقد بلغت من الفتوحات العلمية والبشائر، بالأخص ما يشاهد-هو- وبأم عينه مما تيسّر له بعضها هي من شؤون حياته الصِرفة فكم ممن رآبـه زمنا الجوال، واتخذ موقفا، ثم أخذه القهقرى..أي من بعد أمّـة قد تصبّر بها أو عاند، فعاد وسلّم، وتحديدا لوجوه ما فيها من خدمات (ال..تطبيقات) - مثلا-، وهي تقدّم له مع ما هو أولى شكرا توفير المشوار إلى تلك الدائرة، أو أُختها، بخاصة حين بلغت حاجته لتلكم - الدائرة- البلعوم، عندها تنازل من بعد مواقف بعضها أُسقط بيده بأسباب تراخيه في مسايرة الركب، وهذه الأخيرة فلاحه الوحيد هو التحديثات التي جرت على ذاك التطبيق او الميزات التي أُدخلت.. به إشارة..
للتأكيد لجوانب ما ذكرت.. (.. أكثر من 7.7 ملايين عملية إلكترونية عبر منصة «أبشر» في يوليو 2024م).