فضل بن سعد البوعينين
خلف كل مشروع تنموي إستراتيجي في مدينة الرياض، نجد بصمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حين كان أميرا للعاصمة. سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ذكر بأن مشروع النقل العام بمدينة الرياض بشقيه القطار والحافلات، يعد ثمرة من ثمار غرس خادم الحرمين الشريفين وانطلاقا من رؤيته الثاقبة -أيده الله- عندما كان رئيسا للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض.
الهيئة الملكية لمدينة الرياض، نشرت على منصة ( X ) أول وثيقة لقطار الرياض رفعها خادم الحرمين الشريفين للمقام السامي الكريم، عندما كان أميرا للرياض، وهو جانب مهم من التوثيق التنموي، الذي يُقرأ من خلاله استدامة التنمية وآلية العمل المؤسسي، الضامن لمواصلة العمل في خدمة البلاد والعباد، وإستمرارية التنفيذ والإلتزام بمتطلباتها، ومتابعتها حتى الإنجاز.
وثيقة قطار الرياض، تعكس جانبا من رؤية خادم الحرمين الشريفين الإستراتيجية لتنمية الرياض، وإستشرافه المستقبل، واحتياجات المدينة، ووضع أسس بنيتها التحتية المتقدمة. غير أن هناك الكثير من القصص الملهمة التي كانت خلف غالبية المشروعات التنموية التي إحتضنتها الرياض، وأخرى مرتبطة بالتنمية المستدامة للمملكة، والتي كانت حُلما، فأصبحت حقيقة.
كشفت بعض المقابلات التلفزيونية، التي سُجِّلت لخادم الحرمين الشريفين، في عقود مضت، عن رؤيته الإستراتيجية التقدمية، وطموحه التنموي لما يجب أن تكون عليه العاصمة الرياض، والمملكة عموما. دروس تنموية، وطموح متقدم، وعزيمة تسهم في تحويل الرؤى إلى مشروعات على أرض الواقع، تسهم في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
اليوم نشهد تكاملا للأدوار، واستدامة العمل، في مرحلة تنموية مهمة، بين خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي تسلم راية التنمية منذ إطلاق رؤية 2030 لاستكمال البناء وغرس بذورالتحول الاقتصادي، وتعزيز التنمية، وفق رؤية إستراتيجية شاملة، محققة للإستدامة، والتنافسية العالمية.
لم يعد قطار الرياض، برغم أهميته الإستراتيجية لمنظومة النقل، المشروع الأضخم في العاصمة فحسب، بل أصبح جزءا مهما من مشروعات كبرى أعادت تشكيل المدينة الحالمة، فما أُطلق فيها من مشروعات تنموية ستجعلها واحدة من أجمل المدن العالمية، وأكثرها تكاملا في الخدمات والأنشطة التجارية والسياحية والترفيهية والمؤتمرات والمعارض.
قد يكون الازدحام من التحديات التي تواجهها الرياض اليوم، غير أن إفتتاح قطار الرياض، واستكمال منظومة النقل العام ومشروعات الطرق في المدينة مستقبلا، سيسهم في معالجة هذا التحدي المقلق للجميع. مشروع إستراتيجي يعكس رؤية شمولية موجهه لتحسين جودة الحياة، وتطوير البنية التحتية، ودعم الاستدامة في مدينة تشهد نموًّا سكانيا، وجغرافيا متسارعًا وتحولاً إقتصاديا غير مسبوق.
من المتوقع أن يسهم قطار الرياض، الذي يمتد على طول 176 كيلومترًا، ويتضمن ستة خطوط رئيسية، ويصنف ضمن أكبر مشاريع النقل العام في العالم، في تشكيل أحياء العاصمة، ويعيد الأهمية لبعض أحياءها المهجورة ويخلق التوازن الأمثل في التوزيع الجغرافي للأحياء، والبشري للسكان. فهو كالشريان الحي الذي يصل بين تلك الأحياء ويخفض زمن الرحلة اليومية إلى مستويات قياسية، ويسهل عمليات التنقل. كما أنه سيعطي الهيئة الملكية لمدينة الرياض، والجهات ذات العلاقة، قدرة أكبر على تطوير أحياء جديدة في الإتجاهات المهملة في الوقت الحالي، وكذلك المستثمرون بعد أن تتم توسعته مستقبلا، وإضافة خطوط جديدة له.
أما الوجهات السياحية، ومنها القدية فستكون ضمن الوجهات المستفيدة من التوسعة القادمة لقطار الرياض، وأحسب أنها على رأس أولويات الهيئة الملكية لمدينة الرياض التي تعمل بشكل متواصل، وجهود مميزة، لإنجاز مستهدفات رؤية 2030 والبرامج التنموية الكبرى التي أطلقها سمو ولي العهد. سيسهم المشروع في خلق فرص عمل جديدة، وسيعزز الاقتصاد المحلي، ويجعل من الرياض مدينة تنافسية على المستوى العالمي.
«قطار الرياض» لبنة من لبنات التنمية المستدامة، وشاهد على اهتمام القيادة السعودية بإستثمار مواردها المالية في البناء والتطوير، وخدمة المواطنين والمقيمين، ورفع جودة الحياة، واستمرارية العمل المؤسسي وفق رؤية تنموية مستدامة، ستبقى شاهدة على إخلاص العمل، و تكامل الأدوار، لما فيه خير البلاد والعباد، ويشكل في الوقت عينه العمود الفقري لمنظومة النقل لعاصمة مزدهرة تشهد نموًا سكانيًا وتوسعًا عمرانيًا، وتسابق الزمن لتكون ضمن أكبر 10 اقتصاديات مدن العالم وفق إستراتيجية شاملة وطموحة تسعى إلى تعزيز نمو اقتصاد المدينة وجذب الاستثمارات النوعية.