د.شريف بن محمد الأتربي
أعشق التعليم الإلكتروني بكافة أشكاله وأنواعه، وأعمل دائما على نشر فكرة تطبيقه وآلياته وطرقه وكيف يمكن للمعلم أن يستفيد منه، وأن يفيد طلابه بحيث يكون أداة نافعة غير مضيعة، مرشدة غير مضللة.
شرفت خلال الأسبوع الفائت بتقديم ورشة عمل تدريبية لتوظيف الشاشات الزجاجية في التعليم عن بعد، أقيمت الورشة في منطقة الباحة، وتحديدا في المدرسة المركزية والتي تعد واحدة من ضمن مشروع المدارس المركزية في المملكة، والتي تمثل نموذجا تشغيليا مبتكرا توصلت إليه وزارة التعليم، حيث يحقق هذا النموذج استثماراً لنماذج التعليم الإلكتروني واستمرارية تعليم الطلبة في المناطق النائية للمدارس، وتمكينهم في البيئة التعليمية ورفع مهاراتهم من خلال تعليم مدمج: حضوري وعن بعد.
هبطت مطار الباحة لأول مرة في حياتي، لأخرج منه إلى عالم تاقت نفسي كثيرا للعيش فيه، زادني حُسن الاستقبال من الأخوة القائمين على المدرسة المركزية الأستاذ عبد العزيز الزهراني المشرف العام، والأستاذ عبد اللطيف الغامدي مدير المدرسة، وباقي الأخوة حبا للمنطقة وأهلها، ورغبة في تقديم أفضل الممارسات في التطبيق.
الباحة الجميلة النظيفة الهادئة، أسرني جو الباحة ومناظرها الطبيعية وطيبة أهلها، ما كنت أود أن تنتهي الزيارة، عشقت السير في شوارعها متفقدا مبانيها ومحلاتها، ملئت عيني بجمال المناظر الطبيعية العديدة التي لا يمل النظر إليها فكل نظرة بقصة وحدث ورواية من الممكن أن تستنطقها منها، سررت بمستوى النظافة والترتيب واحترام القانون والانضباط، سعدت بسرعة الألفة مع سكانها من مواطنين ومقيمين.
على الجانب الآخر من الرحلة والخاص بتقديم الورشة التدريبية الخاصة باستخدام الشاشات الزجاجية في التعليم عن بعد، كان جل أملي أن أستطيع إنهاء الورشة في وقتها المحدد، ولا أحتاج إلى زيادة المدة لضمان إتقان المعلمين لاستخدام الشاشة، ولكني فوجئت بمدى براعة وذكاء وحنكة المعلمين والقائمين على المدرسة المركزية هناك، فبعد يوم ونصف من التدريب تحولت من مدرب إلى مستمع ومتدرب من قبل معلمي المدرسة، كان الأستاذ عادل الغامدي معلم اللغة الإنجليزية شعلة نشاط دائمة، ينثر العلم والمعرفة بين زملائه بكل أريحية ومحبة، وكان الدكتور صالح الغامدي نموذجا لما يجب أن يكون عليه حملة أعلى درجات العلم، في كل مرة كان يتحدث، كنت أتنمى ألا ينتهي، فعلمه ومعرفته، وثقافته، وأدبه الجم، غلفه صوت رخيم يشنف أذان المستمع ويجذبه إليه، ناهيك عن باقي الزملاء الذين لم يتوقفوا عن دعم الورشة بكل حب وإخلاص، ولا أنسى أبداً جهود الأستاذ يحيى الزهراني المبدع في التصوير والمونتاج والإخراج، كأنه وحدة نقل تلفزيوني متكاملة، أبهرني بفيديوهاته عن الورشة، وأسعدني بأفكاره عن النشر عنها.
لم تكن هذه الأيام الثلاثة بطيئة علي خارج الرياض، بل كانت سريعة جدا فما بدأت إلا وقد انتهت، ولكني تعلمت منها أن حب الناس من أغلى نعم الله على الإنسان، فكل الحب والثناء والتوقير والتقدير الذي شهدته هناك، غلف بطبيعة ساكني المنطقة والتي تشهد طفرة كبيرة وتطوير سريع تحت قيادة أمير المنطقة الأمير الدكتور حسام بن سعود حفظه الله، والذي يملك رؤية مستقبلية رائعة لهذه المنطقة مستمدة من رؤية مملكتنا الحبيبة 2030 ، والمستمدة من ملهمنا سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظهم الله ورعاهم.