عبدالله صالح المحمود
اعتمد مجلس الوزراء السعودي برئاسة سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ميزانية الدولة لعام 2025، التي تأتي في إطار تحقيق رؤية المملكة 2030، بملامح تعكس التوجه نحو تنمية شاملة ومستدامة. وبلغت الإيرادات المتوقعة 1.184 تريليون ريال، والمصروفات 1.285 تريليون ريال، مع عجز مالي متوقع قدره 101 مليار ريال، مما يعكس قدرة المملكة على تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الحالية واحتياجات المستقبل.
الميزانية تُجسد رؤية متكاملة تهدف إلى تحويل الاقتصاد السعودي إلى نموذج عالمي مستدام ومتعدد الموارد. وبينما يواجه الاقتصاد العالمي تحديات كبرى مثل التضخم وتباطؤ النمو، تبرز المملكة كقوة اقتصادية بفضل الإصلاحات الهيكلية التي عززت مناعتها وقدرتها على التكيف، هذه الإصلاحات، المنبثقة من رؤية 2030، أثمرت نتائج ملموسة، من أبرزها تنويع مصادر الدخل وتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية.
ميزانية هذا العام تعكس التزام قيادتنا الرشيدة بتحقيق رفاهية المواطن، حيث تستمر برامج مثل «سكني» في تمكين آلاف الأسر من امتلاك منازلهم، مما يعزز الاستقرار الأسري ويرفع جودة الحياة. إلى جانب ذلك، تُركز الميزانية على تحسين الخدمات الصحية والتعليمية، حيث ستُخصص موارد لتطوير المرافق الصحية وزيادة كفاءتها، مع إدخال التكنولوجيا الحديثة في المدارس والجامعات لضمان بيئة تعليمية تدعم الإبداع والابتكار.
اقتصاديًا، تُبرز الميزانية توجه المملكة نحو تعزيز القطاعات غير النفطية كمحرك رئيسي للنمو من خلال مشاريع كبرى مثل «نيوم» و«القدية» و»مشروع البحر الأحمر»، تسعى المملكة لاستقطاب استثمارات عالمية نوعية، مما يساهم في خلق آلاف الوظائف للشباب السعودي. هذه المشاريع ليست مجرد استثمارات، بل هي خطوات إستراتيجية نحو بناء اقتصاد يعتمد على الابتكار والتقنيات المستقبلية.
تسعى الميزانية أيضًا إلى تحقيق العدالة التنموية بين مناطق المملكة عبر تطوير البنية التحتية والخدمات الأساسية، تهدف الحكومة إلى تقليص الفجوة التنموية وضمان توزيع عادل للفرص الاقتصادية. هذه الجهود تُبرز حرص القيادة على أن يستفيد جميع المواطنين، من ثمار التنمية.
على المستوى الدولي، تعكس الميزانية التزام المملكة بمواصلة دورها الريادي في أسواق الطاقة العالمية، مع التركيز على الاستدامة البيئية من خلال مشروعات مثل «الهيدروجين الأخضر»، تثبت المملكة قدرتها على أن تكون شريكًا عالميًا في التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة.
رغم التحديات المتعلقة بالعجز المالي تُظهر المملكة مرونة في إدارتها المالية، حيث تتبنى سياسات مبتكرة لتحسين كفاءة الإنفاق وزيادة الإيرادات غير النفطية. هذه السياسات، التي تعتمد على الشفافية وتشجيع القطاع الخاص، تؤكد التزام القيادة بمواصلة تحقيق التنمية المستدامة دون التأثير على الاستقرار المالي.
وكما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: «ما حققته المملكة من مستهدفات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وتحقيق مراكز متقدمة في المؤشرات والتصنيفات الدولية؛ يعكس قوة ومتانة المركز المالي للمملكة ومكانتها الرفيعة، ونجاح الحكومة في مواجهة التحديات والظروف الاقتصادية العالمية.»
إن ميزانية 2025 ليست فقط أداة مالية، بل هي خارطة طريق لوطن طموح، حيث تتحول الرؤى إلى واقع والطموحات إلى إنجازات ملموسة. مع هذه الميزانية، يتجدد الأمل في مستقبل مشرق للمملكة وأبنائها، حيث تُبنى أسس وطن لا يكتفي بالمنافسة، بل يتصدر السباق نحو الاستدامة والريادة.