المدينة المنورة - خاص بـ«الجزيرة»:
أكد الدكتور عبدالرحيم بن محمد المغذوي أستاذ الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سابقاً أن العلماء والفقهاء المسلمين لم يجدوا غضاضة في النقد العلمي والمنهجي والمعرفي الكبير أو الردود العلمية على بعض الكتب والمصنفات، وكذا لم يجدوا غضاضة في التهذيب والتشذيب والتنقيح لبعض الكتب والمصنفات التي لاقت اعجاباً واهتماماً لديهم، وانصب اهتمامهم في التنقيحات والتهذيب والتشذيب على ما يتعلق بالمخالفات في أمور العقيدة الإسلامية الصحيحة، وكذا في مسائل الحديث خاصة الأحاديث الضعيفة والروايات المكذوبة والمنقولات الخاطئة وكذا ما يتعلق بالأقوال المرجوحة فقهياً وعقلياً أو ما يتعلق ببعض الأخبار والآثار والمقالات التي عليها ملاحظات، مشيراً إلى أن منطلق العلماء المسلمين في عملهم هو التحري والأمانة العلمية وإبراء الذمة وخدمة الأمة الإسلامية في علومها ومعارفها وتقريب الخير لهم.
وقال الدكتور عبدالرحيم المغذوي في حديثه لـ «الجزيرة»: أن الأمة الإسلامية نشأت في رحم الأمة العربية وأمة العرب أمة أمية في غالبها ولم تعرف العلم والمعرفة الحقيقية إلا في رحاب الاسلام، وتطورت الأحداث في الأمة العربية والإسلامية وابتدأت مفاهيمها وقيمها ومناهجها تتشكل ابتداء من جمع القرآن الكريم وتدوين السنة النبوية الشريفة، وهكذا انطلقت العقول في العلم وآفاق المعرفة المختلفة، وابتدأت المصنفات والكتب المفيدة تخرج وترى النور في العقيدة وأصول الدين والحديث الشريف والتفسير والفقه الإسلامي والأخلاق والآداب والتاريخ واللغة العربية وغيرها الكثير والكثير من فنون المعرفة الشرعية والإنسانية والحضارية، وقد تشكلت تبعاً لذلك مناهج البحث العلمي لدى المسلمين قديماً وحديثاً، وواكب ذلك مسالك في البحث العلمي والمنهجي والتصنيف، منها: المؤلفات، والمختصرات، والحواشي، والردود، والترجمات، والمستلات، والتكملات، والذيول، والتخريجات، والموسوعات، وهكذا تشكلت مناهج البحث العلمي ومسالكه وطرائقه ومشاربه ومسائله لدى العلماء المسلمين قديماً وحديثاً.
وأضاف د. المغذوي أن من أوجه النشاط العلمي والمنهجي والمعرفي الكبير لدى العلماء المسلمين قديماً وحديثاً ما يعرف بالاختصار والاختيار والتهذيب والتشذيب والتنقيح لبعض الكتب والمصنفات لأسباب كثيرة جداً منها ما يتعلق بطول تلك الكتب والمصنفات وكثرة عددها ومنها لوجود بعض المخالفات والملاحظات وحتى تسلم من النقد ويسلم القراء كذلك، ولذا نشطت الحركة العلمية في هذا الشأن وعرف في هذا المجال التخريج والتهميش والعناية والاعتناء والتحقيق، وخرجت لنا المطابع ودور النشر والتوزيع والمكتبات عشرات بل مئات الكتب والمصنفات القيمة التي أثرت المكتبة العربية والإسلامية، مبيناً أن بعض المستشرقين أعجبوا بهذا الصنيع فأشادوا بجهود العلماء المسلمين وصنفوا كتباً حول ذلك، ومنها: (مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي) للمستشرق الألماني فانتز وغيره.
وأبان د. عبدالرحيم المغذوي أن مناهج البحث العلمي في الجامعات خاصة والمجتمع عامة تطورت، واقتبست كثيراً من مناهج البحث العلمي لدى الغربيين وتأثروا بها تأثراً كبيراً حتى جعلوها الأصل وتضاءلت تبعا لذلك مناهج البحث العلمي لدى العلماء المسلمين قديماً ولم تجد العناية الكافية بها، مع ملاحظة الأهمية البالغة لدى مناهج البحث العلمي في الغرب بصفة عامة، لكن المقصود هو العناية بمناهج البحث العلمي لدى العلماء المسلمين قديماً في شتى المجالات والميادين العلمية والمعرفية والحضارية والإنسانية، كما أن طبيعة الحال هنالك العديد من الكتب والمصنفات في مجالات البحث العلمي لكنها تدور حول مناهج البحث العلمي الغربية بشكل أو بآخر.
وتساءل د. المغذوي في ختام حديثه قائلاً: هل نحتاج إلى إعادة النظر في تاريخنا وتراثنا وجهود علمائنا العرب والمسلمين لاستكناه واستنباط واستنتاج المناهج والمسالك العلمية والمعرفية والبحثية القيمة المضافة في مختلف المجالات والميادين الخاصة والعامة؟