رمضان جريدي العنزي
الكبر والتعالي والفوقية من العيوب الكبيرة، والصفات المذمومة، والتي لا تليق بالإنسان السوي، والناس لا يمنحون حبهم وتقديرهم واحترامهم لمن يتعالى عليهم ويتكبّر، إنهم ينظرون إليه بعين الشك والريبة، وهكذا يجعل المتكبر من نفسه عرضة للانتقاد والابتعاد والنفور، إن الكبر والفوقية والتعالي و(شوفة) النفس، مرفوضة بموازين الشرع والعقل والأخلاق والسلوك، وتدحرج صاحبها نحو القاع، وتجعله شخصية مهزوزة ومتأرجحة، إن المتكبر لا يعيش في المساحات البيضاء، ولا المدارات البهية، بل يعيش في المستنقع الآسن، والكهف المظلم، والإفلاس التام، إن الإسلام حرم الكبر وحذّر منه، وجعله من الذنوب الكبيرة، إنك لا تحتاج لآلة لكشف المتكبر ومعرفته، بل تستطيع كشفه ومعرفته من خلال أعماله وتصرفاته وتعاملاته مع الناس وأسلوب حياته، إن المتكبر يعيش الخواء الروحي، والاضطراب النفسي، والضعف الأخلاقي، وانخفاض درجات اللباقة والحصافة، إن المتكبر لا يستطيع التخلي عن فكرة التعالي، وعشق الذات، وحب الأنا، والنزعة النرجسية القوية التي اخترعها لنفسه، ويعيش الخرافة والباطل، وحب المظاهر، فنراه يهمش، ويقصي، وينحاز، لا ذهنه متوقد، ولا عنده براعة، غباؤه غليظ، وفهمه ناقص، وأفقه ضيق ومحدود، إن المتكبر لن ينال مجده، ولن يرتقي بين الناس، ولن يكسب ود الناس واحترامهم، لأنه قاسي القلب، متبلد الإحساس، غليظ الطباع، متجهم الوجه، إن المتكبر يستهوي حب الظهور والبروز على المسرح الاجتماعي، ويحاول بكل وسيلة وطريقة الوصول لغايته ومبتغاه، وأن يكون محط اهتمام الناس، والفريد في الحفاوة والترحيب والاستقبال، إن الإنسان لا بد أن يصون نفسه، ولا يكون أضحوكة بين الناس، ومحلاً للسخرية والاستهزاء، وأن لا يستجيب للشيطان الرجيم، ولا يسمع للوسواس الخناس، ولا يطيع النفس الأمَّارة بالسوء، الذين يزيّنون له حب الظهور والكبر والاستعلاء، إن الكبر يوقع صاحبه في المطبات، ويسقط شخصيته بين الناس، ومن أخطر الآفات، وأكثرها إجحافاً بين الناس والقيم والموازين، إن الآيات في حق المتكبرين كثيرة، قال تعالى: (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ)، وقال تعالى (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ) وقال تعالى: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)، وقال تعالى: (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِيَ)، وقال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ)، اللهم أبعدنا عن كل متكبر كذاب، وقربنا من كل متواضع يعيش الواقع، ولا يهتم بالفشخرة والأبهة والسراب.