خالد بن حمد المالك
لا يزال الحديث عن ميزانية 2025م طرياً وجاذباً ومشوقاً، وكيف لا يكون كذلك، ونحن أمام ميزانية قدرت إيرادتها بـ1184 مليار ريال، ومصروفاتها بـ1285 مليار ريال، وبتفاصيل تُظهر الشفافية والإفصاح عن كل تفاصيلها.
* *
فالحكومة ملتزمة بكل ما فيه رفعة للوطن، ومنفعة للمواطنين، وبتحفيز الصناعات، ورفع نسبة المحتوى المحلي، والصادرات غير النفطية، وتعزيز دور القطاع الخاص لزيادة مساهمته في المشاريع الاستثمارية، مع خفض معدل البطالة إلى مستوى قياسي، وهو الأدنى تاريخياً، والكلام لولي العهد.
* *
والتزام برفع معدل مشاركة المرأة في سوق العمل، والاستمرار في الأعمال الإنسانية في الداخل والخارج، والتأكيد على أن المملكة ستكون على موعد في العام القادم لتسجل ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصاديات الكبرى، ضمن الاستمرار في المحافظة على مكتسباتنا، والكلام أيضاً لولي العهد.
* *
يقول محمد بن سلمان إن الإنجازات الجوهرية التي تشهدها بلادنا ما كان لها أن تتحقق -بفضل الله- لولا توجيهات خادم الحرمين الشريفين، وجهود وسواعد أبنائنا وبناتنا، فنحن نثق بقدراتهم، حيث إنهم يتسابقون إلى الابتكار، والإنتاج في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح.
* *
وعودة إلى الشفافية والإفصاح فيما تم الإعلان عنه على هامش إقرار مجلس الوزراء للميزانية، فقد قدر العجز بـ101 مليار ريال، أي بما نسبته 2.3 % من الناتج الإجمالي المحلي، وأن الدين العام سوف يبلغ كما هو متوقع 1.300 مليار ريال، ما يعادل 29.9 % من الناتج المحلي للعام 2025م مقارنة بحوالي 1.199 مليار ريال في العام 2024م ما يعادل 29.3 % من الناتج المحلي.
* *
وضمن الشفافية أيضاً يوضح وزير المالية بأن العجز يأتي ضمن التخطيط المالي للميزانية، وأن المملكة تهدف إلى الاستمرار في عمليات التمويل المحلية والدولية، بهدف تغطية العجز المتوقع في ميزانية العام 2025م، وسداد أصل الدين المستحق خلال العام 2025م، مع اغتنام الفرص المتاحة، حسب ظروف الأسواق المالية لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل.
* *
ولتعزيز قدرة المملكة في التعامل مع الصدمات الخارجية، فإن ميزانية عام 2025م تهدف - كما أوضح وزير المالية - إلى المحافظة على المركز المالي للمملكة، وتحقيق الاستدامة المالية، محافظة على مستويات مستدامة من الدين العام، واحتياطات حكومية معتبرة، حيث يتوقع استمرار المحافظة على رصيد الاحتياطيات الحكومية لدى البنك المركزي السعودي، بنهاية عام 2025م عند المستوى نفسه في عام 2024م، والذي بلغ 390 مليار ريال.
* *
ويلاحظ أن وزارة المالية، وفي كل عام، عادة ما تتحفظ من باب التحوط على تقدير إيرادات الميزانيات، فتقدم أرقاماً تقديرية تكون أقل في نهاية العام من النتائج المتحققة، وثم قد ينخفض العجز، لولا مبدأ وزارة المالية في الأخذ بسياسة التحفظ، التي تستمر الوزارة بالتمسك بها للسنة الخامسة على التوالي، مع أنها تنتهي بإيرادات أعلى من المقدر له في الميزانية.
* *
ميزانية عام 2025م سيكون الإنفاق فيها بزيادة عن ميزانية 2024م بما نسبته 2.7 % وفي تفاصيل أخرى، فإن ميزانية 2025م سيكون الإنفاق فيها بمبلغ 526 مليار ريال على قطاع التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية والخدمات البلدية، أي بالتركيز على ما له أثر على المواطن، قناعة بأن الاستثمار في المواطنين، والخدمات المقدمة لهم يعد استثماراً في الاقتصاد، واستثماراً في مستقبل أبناء المملكة لاستدامة اقتصادها.
* *
ويشير وزير المالية إلى الدور المتنامي في قطاع السياحة، الذي أصبح ثاني أكبر مساهم في ميزان المدفوعات بعد النفط، حيث بلغت إيراداته 48 مليار ريال بنهاية عام 2023م، ومن المتوقع أن يتجاوز هذا الرقم في عام 2024م، وبهذا فقد تحول قطاع السياحة من قطاع مستورد للعملات الأجنبية إلى قطاع مصدر لها، وهذا يمثل نجاحاً استراتيجياً كبيراً بحسب تصريح الوزير.
* *
هناك معلومات أفصح عنها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وأخرى تحدث عنها وزير المالية بحكم الاختصاص، أشرنا إلى بعضها، وضاقت مساحة الافتتاحية عن الاستيعاب لما بقي من معلومات مهمة، وما أود أن أشير إليه فضلاً عن حجم الإيرادات والمصروفات وتواضع العجز، أننا أمام ميزانية لا غموض فيها، فالشفافية حاضرة، والإفصاح منهجها، والمستقبل يتحدث عن طفرة في الإصلاحات، والإنفاق، وضبط الصرف.