د. محمد الحربي
وأنا أتصفح بعض معرفات (إكس-X) لمحت عيناي تغريدة لأحد الشعراء، وأظنه ليس مشهوراً بدرجة كبيرة، حتى أنَّ متابعيه لم يتجاوزوا ستة عشر ألفاً فقط، كتب بطريقة عفوية عن كيفية بداياته الشعرية، وأنه تأثر بأحد الشعراء، وهو ابن زيدون، وخاصة قصيدته المشهورة في ولادة (أضحى التنائي) وبقصائد أخرى لذلك الشاعر، الذي ذاق معه طعم الشعر، وطرق به باب الشعر حتى أدخله.
وطلب من العابرين على قفصه الذي منه غرد، أن يذكروا ويتحدثوا عن من أخذ بهم على سوق الشعر ومآدب النظم والقوافي والأدب.
شدني الموضوع - بحكم اهتمامي بالأدب واللغة - وبدأت أقرأ تلك التغريدات الجميلة والألحان العذبة التي أرسلها المغردون العابرون.
رصدتُ الردود في سبع ساعات فقط، والذي أوقفني وشدَّ انتباهي - على الرغم من غرابة بعض التجارب - إلا أني وقفت مشدوها متعجباً من شيء واحد، والحقيقة أنه يستدعي التفكير ويجذب الانتباه، ولعلي لا أطيل عليكم، وهو أن لمناهج التعليم في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية أثراً كبيراً على هؤلاء المغردين سواء كانوا شعراء أم إنهم شُدوا وجُذبوا نحو الشعر، فالذي قربهم للشعر وقدمهم إليه قصائد شعراء أثرت بهم في كتب الأناشيد والمحفوظات والنصوص في المرحلة الابتدائية والمتوسطة وكتب الأدب في المرحلة الثانوية.
أحصيت مئة رد على التغريدة، (20 %) منها ذكروا تأثرهم بقصيدة أو شاعر في المراحل الدراسية الثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ولم أحصِ طلاب الجامعة لكبر سن الطالب فيها، والتي قد تكون الموهبة والانجذاب قد استوى على سوقه.
مع أن هؤلاء المغردين لم يُسألوا هل للمدرسة تأثير عليكم في انجذابكم للشعر، مما يدل على صدق مشاعرهم في هذا الموضوع، وقد تكون البقية (80 %) قد تأثروا بقصائد وشعراء من مناهجهم الدراسية، لكن لم يخطر على بالهم أن يحددوا أين وجدوا تلك القصيدة أو ذلك الشاعر!
الخلاصة: مناهجنا المدرسية وخاصة اللغة العربية كانت مليئة بالنصوص الشعرية الجميلة الرائعة والتي تحمل بين طياتها شعراء رائعون يملكون التأثير على ذائقة أبنائنا الطلاب بأساليبهم الشعرية الفريدة.
فهل غابت تلك النصوص مع دمج مناهج اللغة العربية في كتاب واحد في المراحل الثلاث؟ أم أنَّ ذائقة طلابنا غيبتها التقنية الحديثة وألعابها وثوراتها؟
أعتقد - وذلك لقربي من مقررات المراحل الدراسية - أن السبب يكاد يتجه إلى قلة النصوص والقصائد الشعرية كماً وكيفاً في المقررات، فتنوع النصوص الشعرية المختارة بعناية؛ قد تجذب من لديه موهبة وتزرع الميل إلى الأدب والشعر، ومن ثم إلى حب القراءة والاطلاع.
هذه خاطرة خطرت على قلب معلم، لعلها تكون فاتحة خير وبوابة تفكير في هذا الموضوع، ممن لهم شأن واهتمام.