د.زيد محمد الرماني
لا يخفى ما ظهر في الآونة الأخيرة من وجود ارتباط بين الدخول المتحققة في الاقتصاد الخفي وأنشطة الإرهاب المحلي والعالمي، وتشجيع العنف في مختلف أنحاء العالم.
ونظراً للارتباط الوثيق بين الاقتصاد الخفي والجرائم الاقتصادية، اتجهت وزارات الداخلية في مختلف دول العالم إلى إنشاء إدارات متخصصة للأمن الاقتصادي وملاحقة عمليات غسيل الأموال القذرة وتعقب الجرائم الاقتصادية، وكشف علاقتها بالإرهاب والعنف والتطرف مع الحرص على تعميق روابط التعاون الدولي لمنع الجرائم الاقتصادية والمرتبطة بالاقتصاد الخفي أو الاقتصاد الأسود.
فقد أوضحت بعض الدراسات أن أرباح مافيا السوق السوداء في بعض الدول أصبحت تمثل 50 % من حجم الاقتصاد الوطني.
وبينت تلك الدراسات أن حجم الأرباح التي تحققها المافيا من الاقتصاد الخفي بلغت في عام واحد حوالي 150مليار دولار، مما يوضح سيطرة الاقتصاد الخفي أو الاقتصاد الأسود على مختلف دول العالم النامية والمتقدمة على حد سواء.
ومما يزيد الأمر تعقيداً انتشار عمليات غسيل الأموال للدخل في ظل الاقتصاد الخفي في السنوات الأخيرة بمعدلات متسارعة في بعض دول العالم. وللأسف، فإن عصابات الاقتصاد الخفي ومافيا المخدرات وبغول الأموال القذرة استطاعت تحقيق دخول مرتفعة من معاملات السوق السوداء، وتجارة العملات والذهب والخمور والقمار والدعارة والمخدرات.
إن الاقتصاد الخفي يتمثل في مجموعة الأنشطة غير المسجلة ضمن إطار الحسابات الوطنية، وتشمل الإنتاج القانوني غير المعلن في قطاعات: الزراعة، والصناعة والتشييد والبناء، والتجارة الداخلية، والسياحة والفنادق والنقل والمواصلات، والتمويل والتأمين، والخدمات العامة والاجتماعية.
كذلك يضم الاقتصاد الخفي إنتاج السلع والخدمات المحظورة، وإنتاج المخدرات، وتوزيع الحشيش، وتوزيع السجائر المهرّبة، ودخول المراهنات والمقامرات والدعارة وسرقة المواد الخام والمواد الصناعية.
وقد انقسم الاقتصاديون تجاه الاقتصاد الخفي ما بين مؤيّد ومعارض، وما بين شارح لمزاياه وايجابياته، ومفصّل عيوبه وسلبياته.
حيث يرى بعض الاقتصاديين أن بعض أنشطة الاقتصاد الخفي تؤدي إلى رفع مستوى الرفاهية الاقتصادية في ظل ظروف معينة، عادة ما تكون مقيدة.
كما يرى معظم الاقتصاديين أن الاقتصاد الخفي يؤثر بشكل سلبي على القيمة المضافة المتحققة لدى شركات قطاع الأعمال العام والحكومة، إذ تؤثر الأعمال الإضافية للعاملين في جهات أخرى على ضعف إنتاجيتهم في الشركات العامة، ومن ثم نجد الدخل الشخصي مقوّماً بأقل من قيمته الحقيقية، مما يؤثر سلباً على الدخل الوطني.