فضل بن سعد البوعينين
تحول مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) إلى منارة للمعرفة والإبداع، وواحة لنشر الثقافة والفنون والعلوم بأنواعها، والاحتفاء بتراث المنطقة، والتراث الإسلامي عموما، من خلال مبادرات نوعية يقدمها المركز ابتداءً، أو بالشركة مع المؤسسات والهيئات والمنظمات الثقافية والقطاع غير الربحي.
دعم اقتصاد المعرفة والإسهام في إثراء المجتمع، ثقافيا ومعرفيا، من خلال الانفتاح على مختلف ثقافات العالم، من مستهدفات «إثراء» الرئيسة، والتي تترجم باحترافية على أرض الواقع. ومثلما أصبح المركز معلما معماريا، وواجهة ثقافية لأكبر شركات النفط العالمية، أرامكو السعودية، بات حاضناً للثقافة والفنون، ومنارة لنشر العلم والمعرفة، ووجهة سياحية فريدة تحظى بعدد من الزيارات المكثفة.
وبالتعاون مع جائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد، احتضن مركز «إثراء» يوم أمس الأول، مؤتمر الفنون الإسلامية، المُهتم بتوثيق الحرف اليدوية في العالم الإسلامي وتسليط الضوء على تطوراتها، والذي افتتحه أمير المنطقة الشرقية، الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، المحفز على الإبداع والإبتكار، و الداعم الأول للمؤتمرات والمعارض والحركة الثقافية والتنموية في المنطقة.
إطلاق مؤتمر الفن الإسلامي الذي يحتضن ثلاثة معارض للقطع الأثرية والفنون الإسلامية والأزياء التراثية العالمية، و50 مشاركًا و27 متحدثًا وممثلين من أكثر من 13 دولة من مختلف دول العالم، جاء متزامنا مع تسمية عام 2025 بعام الحرف اليدوية في المملكة لدعم التراث الثقافي وزيادة الوعي بأهمية الحرف السعودية، التي شكلت في مراحل سابقة جانبا مهما من الحركة الاقتصادية والأنشطة التجارية والإنتاج الفني والتنمية البشرية والمدنية.
جملة من المدخلات والمخرجات التنموية التي تستوجب الاعتناء بها، وإبرازها للمجتمع، وتحويلها إلى محتوى ثقافي يسهم في نشر المعرفة، واستحضار الفنون الجميلة وتطويرها، وتقدير الفنانين الحرفيين، وبناء قاعدة ثقافية ملهمة ومحفزة للإبداع وإطلاق القدرات الكامنة لدى الحرفيين والفنانين السعوديين من الجنسين. الاحتفاء بالمبدعين المعاصرين في العالم الإسلامي أمر غاية في الأهمية، ويؤكد مركزية المملكة وعنايتها الخاصة بالتراث والفنون الإسلامية، إلى جانب عنايتها بكل ما له علاقة بالإسلام والمسلمين. يتجاوز هدف دعوة مؤرخي الفن والأكاديميين والقيمين ومديري المتاحف وممثلي المنظمات الخيرية من جميع أنحاء العالم لمؤتمر الفن الإسلامي، «استكشاف الاتجاهات الجديدة في ممارسات الحِرف المعاصرة داخل المجتمعات المسلمة»، إلى استكشاف المملكة، والغوص في أعماق التراث، والاطلاع على ما بلغته من حضارة واهتمام كبير بالتاريخ والتراث الإسلامي، والتنمية.
لم تعد المملكة، وطن النفط والغاز كما يصفها بعضهم، بل أصبحت منارة الحضارة والمعرفة، والتنمية المستدامة، بعد أن سَخَّر قادتها، ثرواتها لتنمية الإنسان والمكان. وبعد إطلاق رؤية 2030، حققت المملكة قفزات تنموية غير مسبوقة، وازدهارا اقتصاديا، دون أن تتخلى عن تراثها العريق وثقافتها الأصيلة، بل اهتمت بها وجعلتها ضمن مستهدفات الرؤية، ومن الجميل أن تهتم شركة النفط العالمية «أرامكو السعودية» بنشر العلم والثقافة وتوثيق التراث والاهتمام بالمواقع الأثرية والمساهمة الفاعلة في إبرازها، وبناء أحد أكبر المراكز الثقافية العالمية بالقرب من موقع بئر الخير، أول بئر نفط ينتج بكميات تجارية في المملكة. لم تتمحور أهداف أرامكو السعودية حول النفط والغاز فحسب، بل باتت أكثر انفتاحا على التنمية، ونشر المعرفة والثقافة، وحفظ التراث، والمساهمة الفاعلة في تعزيز مكوناته، وتحفيز المبدعين من خلال احتضانهم، أو شراء أعمالهم وتوفير البيئة المناسبة لهم للإبداع.
الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين ورئيس مجلس أمناء جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد، أشاد بجهود «أرامكو» في مجال الإرث والحضارة ودعم المشاريع التراثية في المنطقة الشرقية. وأكد الأهمية التاريخية للحِرف بوصفها مليئة بالتراث الحضاري للمناطق، عطفاً على إنجازات المملكة في المحافل الدولية والعالمية بمشاركات متنوعة.
استوقفتني ملاحظات رئيس أرامكو، المهندس أمين الناصر عن التراث، واهتمام أرامكو بالمواقع الأثرية، والمساهمة الفاعلة في دعم مستهدفات الرؤية ذات العلاقة بالمواقع التراثية، أودعم الإنتاج الثقافي الوطني وإبرازه بشكل لافت، أو تحفيز الفنانين الحرفيين لاستثمار مواهبهم في التشكيل الفني على الخوص، وصناعة لوحات فنية يمكن تقديمها كهدايا لشركائها وزائريها، وبما يخلق موردا ماليا مستداما للفنانين، ويسهم في ازدهار هذا الفن، والفنون عموما، ونشر تراث المملكة بلوحات فنية جميلة ذات قيمة عالية. حديث المهندس الناصر، يعكس روح التحفيز لدى الشركة، والتعلق بتراث المنطقة، وفنونها، وتشجيع الفنانين والحرفيين والمبدعين، ويؤكد أن تبني أرامكو السعودية لإنشاء مركز «إثراء» جاء متوافقا مع رؤيتها الإستراتيجية التي تجمع بين البعد الاقتصادي والمعرفي والتنموي، والاستثمار في إنشاء وجهة سياحية معرفية فريدة في المنطقة الشرقية، والمملكة عموما.