د.عبدالرحيم محمود جاموس
يمثل إصدار مذكرتي التوقيف من محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بحق كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/ ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، خطوة قضائية إيجابية وتحمل أهمية رمزية وقانونية كبيرة بالنسبة للشعب الفلسطيني، ويعكس خطوة نحو تحقيق العدالة والمساءلة عن الجرائم التي قد تكون ارتُكبت في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتتمثل أهميتها في ما يلي:
1 - تعزيز الشرعية الدولية للقضية الفلسطينية، فهذه الخطوة تمثل اعترافًا دوليًا بأن هناك حقيقة جدية تتعلق بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ارتُكبت بحق الفلسطينيين.
تعزز المطالب الفلسطينية بمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين على سياساتهم تجاه الأراضي المحتلة والشعب الفلسطيني.
2 - التأثير على المسؤولين الإسرائيليين، فمذكرات التوقيف هذه تجعل المسؤولين الإسرائيليين عرضة للاعتقال إذا سافروا إلى دول أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية وعددهم 124 دولة.
قد تقيد هذه المذكرات حرية حركة المسؤولين الإسرائيليين وتجبرهم على التفكير مليًا في عواقب سياساتهم المستقبلية.
3 - إحداث ضغوط دولية على إسرائيل؛ فإصدار المذكرات هذه يضع إسرائيل تحت ضغط دولي كبير، سواء من الحكومات أو المنظمات الحقوقية والإنسانية.
كما يساهم في إبراز الانتهاكات الإسرائيلية على الساحة العالمية، مما يزيد من حدة الانتقادات ويصعّب على الدول المتحالفة مع إسرائيل الدفاع عنها وعن مواقفها المنحازة لها.
4 - يمنح الأمل للضحايا الفلسطينيين وللشعب الفلسطيني.. فمثل هذه الإجراءات تعطي أملاً للضحايا الفلسطينيين وعائلاتهم بأن العدالة ممكنة، حتى لو تأخرت.
وترسّخ مبدأ قانوني وهو أن مرتكبي الجرائم الدولية لن يفلتوا من العقاب مهما كانت مناصبهم أو مواقعهم.
5 - تعزيز دور المحكمة الجنائية الدولية إذا نجحت المحكمة في متابعة هذه القضايا، فإن ذلك يعزز مكانتها كهيئة دولية تسعى إلى مكافحة الإفلات من العقاب على الجرائم الجسيمة ضد الإنسانية.
التحديات التي تواجهها:
رغم هذه الأهمية، تواجه مذكرات التوقيف هذه تحديات وعقبات كبيرة مثل:
عدم اعتراف إسرائيل بالمحكمة الجنائية الدولية.
الحماية السياسية التي قد توفرها دول كبرى، مثل الولايات المتحدة، لإسرائيل.
صعوبة تنفيذ هذه المذكرات فعليًا بسبب الواقع السياسي والجغرافي.
بالتالي، ورغم رمزية الخطوة وقوتها القانونية، فإن تنفيذها يعتمد على الإرادة الدولية والضغط الشعبي والديبلوماسي المستمر.
رغم كل تلك التحديات التي تواجه تنفيذها تمثل خطوة قضائية قانونية دولية مهمة ومتقدمة وهي أنها كسرت الطابع المعتاد بأن إسرائيل ومسؤوليها فوق القانون الدولي وأن لديهم الحصانة التي تحول دون إخضاعهم للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية وتحول دون المساءلة القانونية لهم عن أفعالهم في الأراضي المحتلة خاصة إزاء السكان المدنيين ..
إن صدور المذكرتين بحد ذاته يعد انتصارا للحق وللرواية الفلسطينية ..