رمضان جريدي العنزي
دخل عليَّ في مكتبي شاب أنيق في اللبس وفي الكلام، في المقابل لونه مخطوف، وبريقه خافت، وربيعة تحول لشبه بيداء قاحلة، سلم علي بحرارة بائنة، وابتسامه فارهة، قال لي: بالتأكيد لا تعرفني ولا تعرف مابي، لكنني جئتك أبحث عن وظيفة، لن أتورع عن العطاء والتعلم، ولن أجعل اللحظة تمر دون أن أستغلها، ولن أهدر الوقت، ولن أستسلم للفشل، ولن أرفع راية الهزيمة، سأصون عملي، وأرغب بأن أكون الأفضل والأحسن، أتوق أن أعمل، وأن أتوهج بالعمل، يقتلني الفراغ، ولا أحب الانطفاء، وأكره الرتابة، أحسنت أستقباله، وحرصت عليه، واهتممت به، وتملكني شعور يشبه اليقين بصدق قوله، فعلاً تحقق قوله، وثبت حدسي، وصار مكسبا لا ينازعه أحد، أن الجد والمثابرة والاجتهاد والتميز مفاتيح النجاح، إنها عناصر مهمة تمهد الطريق نحو تحقيق الأهداف ومن ثم الوصول إلى النجاح، إنها عوامل مهمة لبناء مستقبل مشرق وتحقيق الطموحات الشخصية والمهنية، والسر الذي يجعل الفارق كبيرا بين صاحب الطموح المجتهد والحالم الكسلان، إن الانخراط الكامل في تحقيق الأهداف والمرادات، والعمل بتصميم وإصرار على تحقيق المبتغيات دون النظر إلى العوائق والمصدات ينتج مستقبلاً زاهراً.
إن الاجتهاد هو المحرك الأساسي الذي يدفع الفرد نحو تحقيق أهدافه، وتطوير ذاته، وبدونه يصعب على الإنسان تحقيق أي نجاح، عكس الفتور والخمول والتثاقل والكسل لا ينتج سوى التأخر والتبلد، وينقل صاحبه من العز إلى الذل، ومن الغنى إلى الفقر، ومن الرفعة إلى الضعة، ومن النباهة إلى البلادة، ومن معالي الأمور وأشراقها إلى سفاسف الأمور ومساوئها، ومن تعود على الكسل ومال إلى الراحة فقد الراحة.
ومن يتهيب صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر
إن الكسول لا ينفع نفسه ولا أهله ولا مجتمعه، لا يسدي المعروف لأحد، ولا يقدم الخيرلأحد، ولا ينفع أحد، همته متدنية، وعزيمته فاشلة، يريد كل شيء من غير تعب ولا وصب، إن التحدي والمثابرة والنشاط والهمة الفائقة من أعظم الأشياء في تحقيق النجاحات، إن الإصرار يولد الأشياء ويحقق الطموحات والأحلام، إن بمقدور أي شخص أخذ زمام المبادرة واختيار القرارات ولو كانت بسيطة، وتحويلها إلى فرص عظيمة، إن قطف الثمار الجميلة لا يأتي إلا بعد العزيمة والإصرار والتحدي، فالإنسان مادام على قيد الحياة فإن الفرص مهيأة له في الحصول على ما يريد ويبتغي شريطة الوعي التام بأهمية الجد والتحدي والمثابرة.