سلطان مصلح مسلط الحارثي
انتصر منتخب إندونيسيا على المنتخب السعودي في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026، بثنائية مقابل لا شيء، ليخسر منتخبنا وهو صاحب التاريخ العريض، والإرث الذي كان بسببه زعيماً للقارة الأكبر في العالم، بعد تحقيقه لثلاثة ألقاب قارية، وفي المقابل، انتصر منتخب إندونيسيا، وهو الذي لا يملك على مستوى كرة القدم أي تاريخ.
هزت الوسط الرياضي السعودي، وجعلته يدرك أن مشكلة المنتخب السعودي لم تكن في مدربه السابق الايطالي مانشيني، وإن شُنت عليه الحملات، ولن يكون الحل بيد المدرب الفرنسي الحالي هيرفي رينارد وإن تم التطبيل لحضوره، إنما مشكلتنا أكبر وأعمق، وسبق وتحدثنا عنها كثيراً، هي مشكلة الاتحاد المسؤول عن اللعبة، الذي لا يعرف كيف يخطط ويرسم الاستراتيجيات، التي من خلالها يستطيع منتخبنا التقدم والتطور، حتى وصلنا اليوم للخسارة من منتخب لا يُذكر على مستوى كرة القدم.
تخبط وعشوائية اتحاد الكرة واضحة كوضوح الشمس، وعلى المسؤولين أن يستشعروا خطورة الموقف الذي تمر به كرة القدم السعودية، وتعديل ما يمكن تعديله قبل أن تحل الكارثة التي لا تبقي ولا تذر، وأولها معالجة وضع اللاعب السعودي الذي أصبح «مهمشاً»، بوجود 10 لاعبين أجانب في الدوري السعودي، مما أدى لتراجع مستوياته، حتى جاء اليوم الذي تتفوق فيه علينا منتخبنات كانت ضعيفة جداً، ولم نتخيل يوماً أن تجاري منتخبنا، فما بالكم واليوم تنتصر!
مشاكل كرة القدم السعودية كثيرة جداً، والحلول لمن يريدها متوفرة، ولكن: هل بالإمكان أن نجد المسؤول الذي يعمل ويخطط لمصلحة الكرة السعودية وفق المنهج الاحترافي؟
إن العمل المنظم، والتخطيط السليم، ووضع الاستراتيجيات المتوافقة مع المرحلة التي تعيشها الرياضة العالمية، وتتماشى مع النهضة التي تعيشها المملكة، تعتبر من البديهيات التي يفترض العمل عليها بعيداً عن العواطف والتخبط والعشوائية التي أرهقت منتخبنا السعودي، وجعلته يعاني سنوات طويلة، دون أن يجد الحل وفق نهج كروي احترافي، من خلاله نستطيع الوصول لأهدافنا.
لا للتأهل للمونديال
نعم، أقولها وبكل صراحة، تأهل منتخبنا السعودي لكأس العالم القادمة 2026، سوف يسبب لنا حرجا كبيرا أمام العالم، فالمنتخب الذي لم يستطع مجاراة منتخب إندونيسيا، «ذهاباً وإياباً»، وبمدربين مختلفين، «مانشيني ورينارد»، وتعادل معه مرة وخسر أخرى، لن يفعل شيئا في المونديال حال تأهله، والأفضل أن لا نتأهل، حتى لا نخسر المزيد من سمعتنا الرياضية، وفي حال اقتنع المسؤولون لدينا أن مونديال 2026 ليس هدفا، ولن يحقق لنا مكاسب، بل ربما تكون مشاركتنا فيه عكسية، ونتقبل نتائج كبيرة، وبسببها نندم، فإن هذه الخطوة تعتبر الأولى في تصحيح مسار كرة القدم السعودية، ومنها ننطلق نحو صناعة منتخب قوي، نستطيع الرهان عليه لعدة سنوات، بشرط أن يكون لدينا قناعة بأن كرة القدم لا تفيد معها الحلول المؤقتة، إنما تحتاج لرسم الخطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، الذي سيرتقي بكرة القدم السعودية.
كيف نصنع منتخباً قوياً؟
وضع اللاعب السعودي اليوم لا يسر، فهو في دوري بلاده على دكة البدلاء، وفي المقابل لا يوجد لدينا لاعبون محترفون وفق الاحتراف الصحيح، لذلك أصبحت كرة القدم السعودية تعاني من عدم وجود لاعبين سعوديين نستطيع الرهان عليهم، والحل يكمن في وضع خطة للنهوض باللاعب السعودي «الموهوب»، لنبدأ بصناعته وتأسيسه من الأكاديميات العالمية المتوفرة في أوروبا، هذا على مستوى الخطة طويلة الأجل، وحتى نتمكن من إعداد منتخب قوي، لكأس العالم 2034 والتي ستقام على الأراضي السعودية، أما الخطة قصيرة الأجل، فيجب العمل عليها وفق دراسة مستفيضة وعاجلة، لمعرفة الخلل بشكل واضح وجلي، ومن ثم إصدار القرار المناسب، فإن كان الخلل مثلاً في عدم لعب اللاعب السعودي بشكل أساسي، فيجب أن نضع الحلول لهذه المشكلة، أما بتقليص عدد اللاعبين الأجانب، ليتمكن اللاعب السعودي من اللعب بشكل أساسي، ويحظى اللاعب الموهوب بدقائق لعب أعلى، وهذا ما لا يتمناه المتابع الرياضي، بعد أن ارتفع مستوى الدوري السعودي، وأصبح قوياً فنياً ومتابعاً، ولكن إن كان هذا هو الحل، فالمنتخب السعودي أهم وأولى من الدوري وقوته، وإن كان البعض يرى أن الدوري الرديف، سيكون حلا، بشرط أن تشارك فيه جميع الأندية، وهذه تحتاج لميزانيات كبيرة، وعمل مضاعف، فهل الأندية واتحاد الكرة لديهما القدرة والإمكانيات؟ أشك في ذلك، ولكن الأهم أن نعمل دراسة عاجلة، وننقذ المنتخب السعودي.
تحت السطر
- بهذا الوضع الذي تعيشه كرة القدم السعودية، لن نستطيع صناعة دوري قوي ومنتخب قوي بنفس الوقت، لذلك يجب أن نعمل على إعادة استراتيجيتنا، أو اختيار واحدة من الاثنتين، دوري قوي، أو منتخب قوي.
- منتخبنا في مباراتي استراليا وإندونيسيا افتقد قائده الأسطوري سالم الدوسري، واتضح مدى تأثر المنتخب بغيابه.