د. محمد بن إبراهيم الملحم
أصدرت وزارة التعليم هذا الأسبوع قرارها بعدم ربط العلاوة السنوية للمعلمين ومن في حكمهم بتجديد الرخصة المهنية واستبشر كثيرون لهذا الخبر، ذلك أنه يخفف كثيرا من العنت والضغط النفسي الذي يواجهونه في مسألة دخول اختبار الرخصة المهنية سواء في القسم العلمي للاختبار أو التربوي، وقد بقيت الرخصة المهنية خاصة بالمستجدين فقط الذين سيدخلون إلى المهنة لأول مرة وكذلك أولئك الذين يريدون أن ينتقلوا من مهنة معلم إلى مشرف تربوي أو وكيل أو مدير علما بأن الرخصة المهنية لهذه الفئات ستكون مختلفة عن تلك التي للمعلم وهو قرار جديد أيضا، وهذه القرارات تحتاج منا إلى وقفة تأمل وليست نقدية كما يظن البعض فلسنا هنا بصدد النقد أو التحليل، ذلك أن هذه القرارات تصدر من جهات بناء على حيثيات وجوانب لا نعرفها وإنما تعرفها فقط هذه الجهات وينبغي احترام ذلك وتقديره.
جوانب التأمل الجديرة بالتوقف هنا هي أولا مسألة «المحاسبية» accountability فإنه من دون شك فقد كانت الرخصة المهنية سابقا وارتباطها بالعلاوة السنوية يعكس مفهوم المحاسبية في العمل وهو مفهوم مهم جدا لتحسين الأداء والارتقاء به، وسواء اتفقنا أم اختلفنا أن ربط العلاوة السنوية بالرخصة المهنية تحديدا هو أفضل وسيلة لذلك أو هو شيء غير مناسب، إلا أن تواجد المفهوم وحضوره في ممارسة وتفكير الجهة التعليمية هو بحد ذاته مؤشر ممتاز جدا يدلل على رغبتها في اتباع وسائل الإدارة المعتبرة للحصول على أداء وجودة..
الوقفة الثانية هي مسألة الرجوع عن هذا القرار الذي وإن كان ليس من قبل نفس الفريق الذي قرر هذه القرارات حينما كان يدير الوزارة سابقا ولكن ما حدوث التراجع عنه هو محمدة تشكر عليها الإدارة الحالية حتى لو أني لم أكن مؤيدا للإلغاء مثلا ولكن يكفي أن توجد حالة من المراجعة الجريئة مما يستدعي رفع القبعة لمن يمارس ذلك، والوقفة الثالثة لماذا يا ترى تم تغيير اختبار الرخصة لكل من المشرف والمدير وأمثالهم عن ذلك الذي للمعلم؟ هل الفروقات بين هؤلاء والمعلم كانت خافية مستترة لا يدري عنها الفريق الإداري السابق الذي قرر الرخصة المهنية؟ ولا شك أن الجواب معروف طبعا فهي فروقات واضحة للجميع... وهو ما يطرح تساؤلا مهما: لماذا لا يلتفت أصحاب القرار إلى مثل هذه الجوانب الواضحة أو لماذا لا يتم الاستعانه بآراء من الميدان! فإني أجزم في الأغلب أن ما توجهت به الوزارة حاليا إلى استخدام اختبار مستقل للفئات الأخرى هو نتيجة لنداءات من الميدان وهذا يقدم لنا درسا نحو أهمية الاستماع إلى العاملين في الميدان من جانب وكذلك تقدير الفروقات بين مختلف الفئات التي تعمل في المجال التعليمي من جانب آخر.
والوقفة الرابعة هي تساؤل، ففي الحقيقة طالما أننا تحركنا من مسألة استخدام الرخصة المهنية كوسيلة للمحاسبية فما هو يا ترى البديل الذي سيحل محلها لحث العاملين على تحسين أدائهم والارتقاء به؟ هل هو يا ترى مثلا التقييم؟ وهل هذا التقييم سيكون بطريقة مختلفة عما نعرفه من قبل؟ ذلك أن التقييم السابق تشوبه كثير من الشوائب فهو لا يحث المعلم على تحسين المستوى لعدم ارتباطه بالعلاوة ولا بأي عنصر تحفيز آخر.. فما هو يا ترى البديل الحالي؟ هذا السؤال سيظل مفتوحا حتى نرى إن شاء الله شيئا يبشر بالخير.