د.شريف بن محمد الأتربي
منذ خلق الله سبحانه وتعالى الخلق وهناك أشخاص يؤثرون في الحياة، سواء في المجتمعات بمعناها الحديث، أو ما قبلها. فالمؤثرون هم أفراد أو شخصيات يمتلكون القدرة على التأثير في آراء وسلوكيات الآخرين، ويمكن أن يكون هذا التأثير إيجابيا، أو سلبيا.
لعب المؤثرون أدوارا مهمة في الحياة الاجتماعية قبل ظهور شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الآراء وتحفيز التغيير الاجتماعي، وتنوعت هذه الفئة ما بين القادة السياسيين من الرؤساء والوزراء مثل الملك عبدالعزيز رحمه الله. والناشطون السياسيون كذلك لعبوا أدوارا مهمة في التأثير في المجتمعات مثل غاندي، ومارتن لوثر كينج.
يأتي الفنانون والمشاهير أيضا كواحدة من أهم فئات المؤثرين في المجتمعات، حيث كانوا يشكلون ثقافة الشباب ويؤثرون في الاتجاهات الاجتماعية. كذلك لعب الكتاب: مثل أرنست همنغواي وجين أوستن وغيرهما أدوارا مهمة في التأثير في الفكر والثقافة من خلال أعمالهم الأدبية. كما لعب الفلاسفة مثل جان بول سارتر أو سيمون دي بفوار، أدوارا هائلة في التأثير على الفكر الفلسفي والسياسي. كما كان للعلماء مثل ألبرت أينشتاين، ونيوتن وأديسون تأثيرا كبيرا في العلوم والتكنولوجيا. لقد أثر هؤلاء جميعا؛ وغيرهم تأثيرا كبيرا في تشكيل القيم والمعتقدات والممارسات الاجتماعية مستخدمين في ذلك وسائل الإعلام التقليدية، مثل الصحف، الراديو، والتلفزيون، للتواصل مع الجمهور وإحداث التغيير.
مع ظهور شبكة الإنترنت، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي؛ كان للمؤثرين دورا مهما في تشكيل وجدان المجتمع وتوجيهه نحو الاهتمام بالقضايا المجتمعية، ومن ثم بدأ الحديث عن المسؤولية الاجتماعية ودورها في تعزيز تعاضد المجتمع وترابطه، ولم تعد فقط مجرد إعانات يتم توزيعها على المحتاجين من أبناء المجتمع، بل تجاوزت ذلك لنجدها تتعمق داخل المجتمع ويقوم المسؤولون عنها بالعمل على توفير فرص عمل، ودعم المشروعات، ومساعدة كافة أطياف المجتمع على عيش حياة كريمة دون مذلة أو حاجة.
يلعب المؤثرون الجدد دورا مهما في رفع الوعي الاجتماعي والتوعية بالقضايا الاجتماعية المهمة، ويستخدمون في ذلك منصاتهم لزيادة الوعي حول قضايا مجتمعية مهمة، مثل حقوق الإنسان، التغير المناخي، والمساواة. كما يطلقون الحملات الاجتماعية لدعم قضايا معينة، مثل مكافحة الفقر وتعزيز التعليم، ومكافحة الغلاء، مما يساعد في جذب الانتباه العام.
من أبرز الأدوار التي يقوم بها هؤلاء المؤثرون؛ العمل على تغيير السلوكيات الخاطئة، وتحفيز المجتمع من خلال التأثير على سلوكيات الأفراد وتقديم نماذج إيجابية، مثل تشجيعهم على التبرع أو التطوع، والدعوة إلى الاستدامة من خلال تشجيع الاستخدام المستدام للموارد والترويج لمنتجات صديقة للبيئة أو طرق حياة مستدامة.
يلعب المؤثرون أيضا دورا مهما في تعزيز الشفافية والمساءلة، من خلال مشاركة المعلومات حول الممارسات التجارية غير الأخلاقية أو السلوكيات الضارة، مما يسهم في زيادة الشفافية، كما يمارسون الضغط على الشركات لتبني ممارسات مسؤولية اجتماعية أكبر، خاصة في مجال المنتجات الاستهلاكية وعدم المبالغة في زيادة الأسعار أو تحريكها دون مبررات مقنعة.
إن من أهم الأدوار التي يقوم بها المؤثرون في عالمنا الآن؛ هو العمل على بناء المجتمعات من خلال إنشاء منصات للنقاش، وخلق مساحات للحوار حول القضايا الاجتماعية، مما يعزز من تواصل الأفراد والمجتمعات، وتعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية لدى الأفراد والمؤسسات، كما يظهر دورهم جليا في دعم المبادرات المحلية والترويج لها، والمساهمة في تطوير المجتمعات، وتقديم نماذج يحتذى بها تعزز التأثير الإيجابي، وتنمي السلوك والممارسات الاجتماعية، مما يشجع المتابعين على اتباع سلوكيات مماثلة، والترويج للقيم من خلال التركيز على القيم الإنسانية مثل التسامح، والتعاون، والتعاطف.
يلعب المؤثرون دورا حيويا في تعزيز المسؤولية الاجتماعية من خلال استخدام منصاتهم لرفع الوعي، وتغيير السلوك، وتعزيز الشفافية. إن تأثيرهم يمكن أن يسهم بشكل كبير في دفع القضايا الاجتماعية إلى الواجهة، مما يحفز الأفراد والمجتمعات على اتخاذ خطوات إيجابية نحو التغيير.