علي حسن حسون
التسول ظاهرة ليست بجديدة، سواء كان في الأماكن العامة، عند إشارات المرور، أو حتى في مواقع الترفيه، لكن في السنوات الأخيرة، أخذت هذه الظاهرة منحى آخر متصاعدًا، خاصةً عند مداخل ومخارج المحلات التجارية والصيدليات.
يستغل بعض المتسولين هذه المواقع المزدحمة لاستعطاف أكبر عدد ممكن من المتسوقين، حيث يرون في هذه الأماكن فرصة لجمع مبالغ كبيرة من المال.
بعض النساء، على سبيل المثال تأتي بطفلها النائم بمظهره غير المرتب وملابسه البسيطة، محاولةً التأثير على قلوب الناس، بينما تختار أخريات اصطحاب أطفالهن، والتسوق بشراء حاجيات أساسية مثل الأرز وحليب الأطفال، وتقف أمام المحاسب وتطلب من المارة مساعدتها في دفع الفاتورة، مدعيةً أنها لا تملك المال الكافي، وأن هذه المشتريات ضرورية لحياة أسرتها. بمجرد أن تستعطف أحدهم ويقوم بالدفع عنها، تسمعه العديد من الدعوات الملونة بالاستعطاف، ثم تراقب حتى يغادر، وتقوم بعدها بإعادة المشتريات واسترداد المبلغ المدفوع.
هذا السيناريو يتكرر مع عدة أشخاص، مما يُمكّنها من جمع أموال كثيرة. هذه أحد طرق الاحتيال الجديدة مع الأسف.
أما عند الصيدليات، فتستخدم بعض النساء أسلوبًا مماثلًا ولكن بتكتيك مختلف، مستغلات طبيعة المكان والحاجة الملحّة للمساعدة، فتقف المرأة أمام مدخل الصيدلية وتختار بعناية وصفة طبية مختومة من طبيب ما، مظهرة إياها مع علبة دواء فارغة، غالبًا ما تكون لدواء غالي الثمن لعلاج حالة طبية مزمنة أو حالة طارئة.
وفي حال دفع أحد المارة المبلغ أو جزءًا منه، لا تلبث المرأة أن تشكرهم، وبعدها تقوم بإعادة الدواء إلى المحاسب واستعادة المبلغ، وتعيد الكرة مرة أخرى مع شخص آخر، مكررة الأمر بشكل دوري على مدار اليوم، وبهذه الطريقة، قد تجمع هذه المرأة مبالغ كبيرة بفضل تكرار هذا النهج مع أشخاص مختلفين، مستفيدة من تعاطف الناس وتعاونهم.
نحن أمام ظاهرة لا شك بأن لها آثارًا سلبية تصل إلى التأثير على الصورة العامة عن المناطق التي يتواجد بها المتسولون، حيث يُنظر إليها على أنها غير آمنة أو مهملة.
في رأيي، الحد من ظاهرة التسول يتطلب رفع مستوى الوعي لدى المجتمع حول أهمية تقديم التبرعات بشكل نظامي للجمعيات الخيرية المعتمدة التي تهدف لخدمة ذوي الدخل المحدود وفي هذا السياق، تبرز منصة «إحسان» التي تلعب دورًا كبيرًا في جمع التبرعات بشكل موثوق وتوجيهها إلى مستحقيها، إلى جانب العديد من الخدمات التي تقدمها.
في الأخير، نثمن الجهود المبذولة في مكافحة ظاهرة التسول، وندعو إلى تكثيف هذه الجهود من خلال إطلاق حملة توعوية شاملة وتفعيل رقم مجاني للإبلاغ، بحيث يتمكن المجتمع من الإسهام بفعالية في الحد من هذه الظاهرة.
وإن تضافرت الجهود بين الجهات المعنية وأفراد المجتمع هو السبيل الأمثل للتصدي لهذه الظاهرة والحد من آثارها السلبية.