عبدالله إبراهيم الكعيد
هل قررت؟ ما هو قرارك؟ طيب متى تُقرر؟ وغيرها من تلك الأسئلة هي من يوقع الناس في المآزق في كثيرٍ من الأحيان.
«لا يتركون أحداً يُفكّر بهدوء كي يدرس الموضوع من كافة جوانبه، يبحث عن الحقائق، يضع الاحتمالات والفرضيات، هم دائماً في عجلةٍ من أمرهم، يعتقدون ألاّ وقت لديهم يُضيعونه بانتظار تفكيرك، قرر بسرعة».
النص أعلاه فقرة من قصّة قصيرة بعنوان (القرار) ضمن مجموعة قصصية بعنوان «انتقام الضفادع» منشورات دار متون المثقف طبعة أولى 2022 من تأليف كاتب هذه السطور.
السؤال: كم نسبة أولئك الذين يبحثون عن الحقائق قبل اتخاذ القرار أو إصدار الأحكام؟ بالفعل من منّا يتأنى ويسأل متى ما كانت الحقائق غائبة عنه ثم يبحث عن أنجع الحلول لأي مشكلة؟ هل نُنكر أن هنالك من يستعجل ويقرر في ذات اللحظة التي تبرز فيها المشكلة أو يسمع عنها خبراً لم يتأكد من مصدره. ثم لنرى من جانب آخر كم نسبة من يرجع إلى العقل لا العاطفة ويجعله المرجعية، بل البوصلة في الاهتداء إلى الحقائق وربطها بالمشكلة ثم إعادة التفكير في إيجاد الحلول؟
كل هذه الأسئلة دعتني للبحث عن علاقة الحقائق في حل المشكلات، ووجدت ضالتي في كُتيّب صغير طُبع منه ملايين النسخ وتُرجم إلى لغات العالم. الكتاب الشهير «دع القلق وابدأ الحياة» للأمريكي ديل كارنيجي. يشير السيد كارنيجي إلى درس تعلّمه من البروفيسور هربرت هوكس عميد كليّة كولومبيا الأسبق الذي استطاع مساعدة (100000) طالب وطالبة في حل مشكلاتهم والتخلص من القلق الذي كان ينتابهم.
كانت الحلقة المفقودة عند معظمهم أن نصف مشكلاتهم التي سببت القلق لديهم منشؤها أنهم كانوا يفكرون بالقرارات قبل أن تتوافر لهم المعلومات الكافية التي تُتيح لهم اتخاذ قرار ما.
بهذا أعتقد أننا قد وصلنا إلى بيت القصيد كما يُقال. لا قرارات صائبة دون توافر معلومات كافية وواضحة وموثوقة ومن ثم قراءتها جيداً، وقبل هذا وبعده التأني وعدم الاستعجال. لا أعنى بالتأني التفرج على النار وهي تلتهم الأخضر واليابس بينما المعني بالأمر يُفكّر في نوع العربة المناسبة التي سيتم شراؤها لإطفاء النار.
قد يقول قائل: تقولون عن الحقائق والمعلومات وكأنكم بذلك تجزمون بأن الحصول عليها سهلاً ميسراً. فأقول: نعم الوصول للحقائق أمر يتطلب السعي الجاد والحياد وألا تطغى العاطفة فتؤثر على القرار.