سطام بن عبدالله آل سعد
في عالم يسيطر فيه الهوس بالأسماء اللامعة وصيحات الصفقات، يبرز الهلال كحالة استثنائية في كرة القدم السعودية والعالمية، فالحديث عن الهلال يتجاوز مجرد استعراض لإنجازاته، إذ يعد محاولة لفهم فلسفة النجاح التي جعلته سيدًا للبطولات ومثالًا يُحتذى به، وكما أشار الأمير عبدالله بن مساعد، الهلال ليس ناديا يتغنى بالأسماء، بل كيان يخطط ويعمل لصناعة المجد بأسلوب متفرد.
«الهلال اختار تكوين فريق، بينما اختارت بقية الأندية الأسماء» هذه العبارة تلخص الفارق الجوهري بينه وبين غيره من الأندية. يدرك هذا النادي أن الأسماء البراقة ليست ضمانًا للنجاح؛ فالكرة لا تُلعب بالنجومية فقط، إنما بالعقلية الجماعية والتناغم، فبناء فريق متكامل يتطلب رؤية استراتيجية طويلة الأمد، حيث تُصنع القوة من الانسجام، وليس من التعاقدات الفردية التي تخدم اللحظة وتستهلك الموارد، فالهلال استثمر في هذا الفكر، وبنى قاعدة من اللاعبين الفنيين، والإداريين الذين يعملون كخلية نحل تهدف لتحقيق البطولات، وليس فقط لملء الصفحات الأولى من الصحف.
إنّ أهم أسباب تفوق الهلال، كما أشار الأمير عبدالله بن مساعد، هو كونه «أقل الأندية عاطفة» هذا لا يعني أن الشغف ينقصه، لكن قراراته مبنية على تطبيق المعادلة الذهبية، وهي التوازن الدقيق بين العقلانية والعاطفة. ففي عالم المستديرة، العاطفة غالبًا ما تقود الأندية لاتخاذ قرارات قصيرة النظر تُرضي الجماهير مؤقتًا لكنها تضر الكيان على المدى البعيد. لكن الهلال على العكس يوازن بين احتياجات اللحظة ومتطلبات المستقبل. وهذه الفلسفة لم تكن وليدة اليوم، بل هي جزء من هويته المتجذرة في التفكير العملي والرؤية الواضحة.
وعندما ذكر الأمير عبدالله بن مساعد بأن «الأشياء التي تسعدنا هي تحقيق البطولات مع الهلال، وليس مجرد التعاقد مع ميسي»، كان يعبر عن جوهر فلسفة النادي. السعادة في الهلال مستمرة وليست استعراضية أو مؤقتة، فالبطولات هي الهدف الأسمى لأنها تعكس نجاح المنظومة ككل، بينما الصفقات الفردية تبقى مجرد أدوات لتحقيق هذا النجاح. الهلال لا يطارد وهم النجومية، بل يصنعها عبر تحقيق الإنجازات التي تُخلد في ذاكرة التاريخ.
وفي وقت تنشغل فيه أندية أخرى بإرضاء جماهيرها عبر صفقات كبرى، يذكرنا الهلال بأن النجاح الحقيقي بالجوهر وليس بالصورة. فلسفة الهلال تقدم نموذجًا رياضيًا مختلفًا، فهو يستوعب قيمة التخطيط الاستراتيجي، ويضع مصلحة الكيان فوق كل اعتبار، ويصنع قراراته بناءً على بيانات وتحليل، وليس استجابة للضغط العاطفي أو الإعلامي.
لقد حقق الهلال بطولات لا تُحصى، وجمع حوله قاعدة جماهيرية هائلة تُجسد عشقًا لا ينضب للنادي، كل انتصار يحققه يعزز إيمان جماهيره بقيم العقلانية والشغف التي يقوم عليها. هذا الارتباط العميق يظهر جليًا في الملاعب الممتلئة بأصواتهم، وفي كل مكان يُذكر فيه اسم الهلال. إنّ هذا الجمهور العريض لا يمثل فقط دعمًا رياضيًا، فهو شهادة حية على الأثر الكبير الذي يتركه الهلال في قلوب محبيه وفي صفحات تاريخ كرة القدم.