هادي بن شرجاب المحامض
في ظل التوسع العمراني الكبير الذي تشهده مدينة نجران وتزايد الحاجة إلى مشاريع إسكانية تخدم شرائح المجتمع المحتاجة، يأتي هذا المقترح انطلاقًا من الرؤية التي تعلمناها من عراب التحول والازدهار الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -حفظه الله- ومن أمير منطقة نجران المخلص والمحب للوطن ومنطقته الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد -حفظه الله- الذي دعم العديد من المبادرات التي تهدف إلى خدمة الإنسان والمكان. فالقيادة الحكيمة تجعل المستحيل ممكناً، وتترجم الأفكار والأحلام إلى واقع ملموس. ومن هنا، أقترح تحويل ميدان الفروسية الحالي إلى حي سكني تنموي يحمل اسم «حي الأمير جلوي للإسكان التنموي»، ليكون بيئة نموذجية تسهم في توفير الاستقرار الاجتماعي والصحي للأيتام والأرامل في المنطقة.
وما يؤكد حرص الأمير جلوي على هذا الجانب الإنساني أنه بعد تقديمي للمقترح قال كلمة تمثل مبدأً ساميًا «لا يوجد يتيم في المملكة العربية السعودية، فكلنا آباء له وداعمون له في هذه البلاد المباركة». وتأتي هذه المقولة لتجسد التزام القيادة في المملكة بدعم الأيتام وتوفير البيئة الآمنة والمستقرة لهم.
فيمتد ميدان الفروسية الحالي على مساحة تقترب من مليون وثلاثمائة وثمانين ألف متر مربع، وتم اختيار موقعه قبل أكثر من ثلاثين عامًا قبل الزحف العمراني الحالي. ومع التطور الحضري أصبح موقعه المميز، القريب من الجامعة ومن المرافق العامة الأخرى كالمدينة الجامعية والرياضية والمطار، مثاليًا لتطوير حي سكني نموذجي. ومن المتوقع وفقًا للمقترح، أن يستوعب الحي أكثر من ألفين وسبعمائة وستين وحدة سكنية بحيث يُخصص لكل وحدة خمسمائة متر مربع مع مراعاة التخطيط الحضري لتوفير مساحات خضراء وحدائق ومرافق خدمية تسهم في تحسين جودة الحياة للسكان. يأتي هذا المقترح انسجاماً مع تجارب ناجحة قامت بها مدن بالمملكة حيث تم نقل ميادين السباق خارج النطاق العمراني استجابةً للاحتياجات السكانية والتنموية المتزايدة، وفي الوقت نفسه، لتوفير مواقع بديلة تلائم رياضات الفروسية بشكل أفضل. من بين أبرز هذه التجارب:
1 - ميدان فروسية الملز في الرياض: كان الميدان يقع في حي الملز وسط الرياض، ومع التوسع العمراني الكثيف وتحول المنطقة إلى حي مكتظ بالسكان والخدمات، نُقل الميدان إلى الجنادرية، مما أتاح الفرصة للاستفادة من موقع الملز لتطوير مرافق تخدم سكان المنطقة بينما أصبح موقع الجنادرية بيئة مثالية لرياضة الفروسية.
2 - ميدان الفروسية في جدة: شهد ميدان السباق نقلًا مشابهًا عندما امتدت المناطق العمرانية نحو موقعه القديم. وجاء هذا النقل لتحقيق بيئة صحية للسكان وتوفير مكان أفضل لرياضة الفروسية بعيدًا عن المناطق السكنية.
3 - ميدان سباق الهجن في الطائف: مع زيادة الكثافة السكانية حول موقعه القديم، تم نقل الميدان إلى موقع بعيد عن المناطق السكنية، مما أتاح تطوير أحياء سكنية حديثة وتحقيق بيئة آمنة لممارسة رياضة الهجن، التي تُعد جزءًا أصيلًا من التراث السعودي.
إن تحويل ميدان الفروسية إلى حي سكني للأيتام والأرامل سيحقق العديد من الفوائد للمنطقة بشكل عام وللأحياء القريبة من المدينة الجامعية بشكل خاص، ومنها:
1 - تعزيز البنية التحتية والخدمات العامة: إنشاء حي سكني جديد سيدفع نحو تحسين وتطوير البنية التحتية والخدمات العامة، مثل شبكات الطرق، والمياه، والصرف الصحي، والكهرباء، وهو ما سيعود بالنفع على الأحياء المجاورة ويسهم في تحسين جودة الحياة.
2 - موقع مميز بقرب المرافق الحيوية: سيشكل الحي الجديد موقعًا استراتيجيًا نظرًا لقربه من المدينة الجامعية، ما يسهل على الأيتام والأرامل الوصول إلى الخدمات التعليمية والصحية والرياضية، كما أن قربه من المطار يسهم في تحسين سهولة التنقل.
3 - دعم الاستقرار الاجتماعي: يسهم توفير وحدات سكنية للأيتام والأرامل في تحقيق الاستقرار الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية، حيث يجد هؤلاء الفئات السكن الملائم والمحفز على الحياة الكريمة في بيئة راقية.
4 - تحسين الصحة العامة: إن نقل ميدان الفروسية خارج النطاق العمراني يساعد في تجنب انتشار الأمراض المحتملة التي قد تسببها الحيوانات قرب المناطق السكنية، وبالتالي تحسين الصحة العامة للمنطقة وتقليل المخاطر الصحية.
5 - تحفيز النشاط الاقتصادي: من المتوقع أن يسهم إنشاء الحي السكني في تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال خلق فرص عمل جديدة في مجالات الإنشاءات والبناء والخدمات التجارية، مما يعزز من حركة الاستثمار المحلي ويعود بالفائدة على المنطقة.
6 - رفع جودة الحياة: يضمن التخطيط الحضري للحي الجديد توفير مساحات خضراء وحدائق ومرافق خدمية، ما يهيئ بيئة نموذجية توفر حياة كريمة وتحسن من جودة الحياة للمقيمين، وتساهم في تعزيز الجوانب النفسية والاجتماعية لهم.
يمثل تحويل ميدان الفروسية إلى حي سكني تنموي في نجران خطوة محورية لتحقيق التنمية المستدامة، مستفيدين من التجارب الرائدة في المدن السعودية الأخرى، ومساهمين في خدمة المجتمع وتحقيق رؤية القيادة الحكيمة التي جعلت المستحيل ممكناً وجعلت الأفكار واقعًا ملموسًا، ليصبح حي الأمير جلوي للإسكان التنموي علامة فارقة في منطقة نجران.