منصور بن صالح العُمري
إدارة الأزمات المحلية بحد ذاتها معقدة تتطلب جهوداً مضنية وحكمة ضافية وخبرات متراكمة، غير أن ما يهونها إمكانية وحدة القرار في أي مسلك علاجي يتم التوصل إليه، كما أن الحلول تبنى على إمكانات متوافرة وأدوات متاحة. أما إدارة الأزمات الإقليمية والأممية، فتزداد صعوبةً، فالآراء حيالها محفوفة بشتات الأفكار وتفاوت المصالح والأضرار في نظر الدول المشاركة، وتباين الدافع للتعامل معها والبذل لمواجهتها، وضخامة التضحيات وتعاظم الأدوات اللازمة لتحقيق القصد منها، فلا ينبري لها إلا قائد ملهم يتصف بمزايا القيادة الحقة فعلاً لا ادعاء، ولا يتحمل تبعاتها إلا دولة قيادية تقول فتفعل ينظر قادتها إلى المستقبل بوضوح أكبر من نظر غيرهم إلى الحاضر، لا تتلون مواقفهم لأنانية فجّة ولا تضعف هممهم أمام تبعات كبرى ولا ينساقون خلف سراب وعود وهمية، يبذلون الغالي والنفيس، ولا يرتضون بحثالة النتائج ولا يسفكون دماءً نقية تسقي أهدافاً خفية، بل يخططون بذكاء ووضوح وينفذون بحكمة وسخاء لا يملك معه المترددون سوى الانقياد إما قناعةً أو تقيّة. تتوالى الوفود مسلمةً بقدرة هذا الوطن على جمع الكلمة وتوحيد الصف وتجلية الصورة ورسم الخطوات الواثقة السليمة نحو الهدف المنشود، اجتماع يسعى لجمع الأمة وحشد إمكاناتها وترسيخ موقفها وصلابة مطالبها ووقف نزيفها ومعالجة أزماتها واسترداد حقوقها المسلوبة وإدانة من يعاديها ويحول دون نيلها حقوقها والوقوف بجدية وشموخ تمنع استمرار التعدي. وهذه المواقف ليست هينة متاحةً لكل من ابتغى التباهي بالدعوة إليها وتسنم قيادتها، بل هي باهظة الثمن بكل جوانبه، تتطلب صفات لا تتوافر إلا للندرة من القادة الصادقين في وعودهم الحكماء في نظرتهم الأقوياء في مواقفهم الشجعان في إقدامهم، ولهذا فلا غرابة أن تتوافد قيادات الدول إلى عاصمة المملكة العربية السعودية استجابةً لدعوة صاحب السمو الملكي ولي العهد القائد الملهم، ففي المملكة حياة لآمال الأمة وانبعاث لقوتها وتجديد لوحدتها وترياق لأزماتها.
حفظ الله المملكة ووفق هذا القائد الذي يسعى وكأنه نسخ عدة لا رجل واحد تراه يبرع ويبدع في كل مجال يرمي اليه نظرته. وكتب الله النجاح لهذه الجهود وحفظ للأمة حقوقها وأعانها على التبصر والبصيرة في كافة شؤونها، وحق لكل سعودي أن يفخر بانتمائه لهذا الوطن المعطاء الذي أسبغ كرمه على الجميع.